آراء وتحليلات
بعد فشلها في غزة ولبنان.. واشنطن تقامر بإشعال الحرب في سورية
لبنان كان ولا يزال وسيبقى المحور الإستراتيجي الذي تنطلق منه دوائر التخطيط الأمريكية والإسرائيلية في تأسيس المشاريع الرامية للسيطرة على منطقة ما يسمّى الشرق الأوسط، ليس مردّ ذلك فقط لأهمية هذه المنطقة على مستوى التمركز الجيوسياسي - الاقتصادي في أجندة الأطماع الغربية، بل لأنها أيضاً الوحيدة التي بقيت فيها دول وحركات مقاومة عصيّة على التسليم والسير خلف مخطط الهيمنة.. ولأن لبنان أضحى رأس حربة لجبهة المقاومة خلافاً للدور المرسوم له وفق رؤية المخطّطين، فإن الجهد الأمريكي - الصهيوني انصبّ على إزالة عوامل قوته، ولا يكون ذلك إلا بسحق المقاومة للانتقال إلى الخطوة التالية في مشروع "تغيير الشرق الأوسط".
لعلّ من محاسن الحروب مع "إسرائيل" أن مسؤوليها - بعكس الأمريكيين والأوروبيين - لا يتورّعون عن كشف خططهم وأهدافها، ويسارعون إلى ترجمتها عملياً بعد أن يكونوا قد أتمّوا تحضيراتهم الاستخبارية والعسكرية وتهيئة الأجواء المحيطة داخلياً وخارجياً، والتي تسهم في تشكيل حالة ضاغطة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما حصل عملياً على مدى 18 عاماً منذ أن حقق لبنان والمقاومة الانتصار الخامس في العام 2006، (*) حتى جاءت "معركة أولي البأس" لتميط اللثام عن كامل الصورة نظراً لما سبقها من حرب إبادة على قطاع غزة وما تشهده اليوم سورية من استئناف الجماعات التكفيرية حربها ضد الحكومة السورية.
لم تمضِ أيام قليلة على بدء "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الاول عام 2023، والذي استبق مخطط إبادة حركة حماس في قطاع غزة، حتى انبرى مسؤولو العدو وعلى رأسهم المجرم المدان الفار من وجه العدالة بنيامين نتنياهو للقول: "اليوم غزة وغداً لبنان"، وتكشفت تدريجياً في أوقات لاحقة تفاصيل المخطط الأمريكي - الصهيوني بشأن إبادة حزب الله في لبنان، والتي كانت مجزرة البيجر في 17 أيلول/ سبتمبر 2024الخطوة التمهيدية لها، فضلاً عما تلاها من استهداف لقيادات حزب الله العليا وعلى رأسها الأمين العام السيد الشهيد حسن نصر الله.
إذن هي حرب كان مخططاً لها في العناوين والتفاصيل والأهداف وغايتها الكبرى تغيير الشرق الأوسط كما صرّح بذلك نتنياهو نفسه، ولكن على مدى ١٤ شهراً من الحرب التدميرية في غزة ومنها 72 يوماً على لبنان، لم تستطع واشنطن وأداتها الإسرائيلية أن تحقق أهدافها في القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية، ولكنها نجحت في دعم وتمويل وتغطية الجرائم الوحشية التي ارتكبها العدو في قطاع غزة فضلاً عن عمليات التدمير والتهجير، وهذا ما ارتكبته نسبياً في لبنان دون أن تنجح أيضاً في كسر شوكة المقاومة، بل إنها اضطرت للمسارعة إلى وقف إطلاق النار خوفاً من الغرق أكثر في المستنقع اللبناني، وخشيةً من استنزاف أكبر لقدرات جيش الاحتلال المنهك وللاقتصاد الصهيوني المتهالك.
أفشلت المقاومة مساعي أمريكا لتحقيق أهدافها في غزة وكذلك في لبنان، وأخفقت في كسر توازن القوة الإستراتيجي مع إيران، فانتقلت إلى المرحلة الثالثة في إطار المخطط الشامل، فأوعزت إلى أعوانها من التكفيريين في سورية للتحرّك باتجاه ضرب استقرارها الداخلي وزعزعة النظام، وهم كانوا قد أتمّوا استعداداتهم وتجهيزهم بالأسلحة الأمريكية تحت إشراف ضباط أمريكيين و"غير أمريكيين". والهدف وفق ما أعلنه نتنياهو ضرب القدرة على تهريب السلاح عبر سورية من إيران إلى حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، ومهّد لبدء التحرك التكفيري بالقول في خطاب الإذعان للقرار 1701: "الأسد يلعب بالنار".. إلا أن المرامي الأمريكية، حسب مراقبين، تتجاوز هذا الهدف لتحويل الأرض السورية إلى ميدان حرب بدعم من "إسرائيل" وبعض أنظمة العرب والجوار، والغاية من ذلك قطع الصلة بين إيران والعراق من جهة وبين لبنان وفلسطين من جهة ثانية، وتطويق لبنان وعزله جغرافياً عن باقي دول المحور.
وارتباطاً بهذه المؤسرات يوضح المراقبون أن واشنطن وتل أبيب تمارسان لعبة خطرة قد تؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية انطلاقاً من سورية، فالكل يعلم أن سورية تشكّل عمقاً جيوسياسياً وعسكرياً لكل من روسيا وإيران، وبالتالي لن تسمح موسكو أو طهران في أن تشكّل الأرض السورية الخاصرة الرخوة لجبهة المحور أو لجبهة الشرق في مواجهة الحلف الغربي.
ويلفت هؤلاء في معرض تأكيدهم لهذه الرؤية إلى "الاندفاعة الروسية في دعم الجيش السوري جواً وبراً للقضاء على الجيوب التكفيرية في حلب وغيرها من المناطق التي لا تزال خارج السلطة السورية"، ويحذر المراقبون من مضي واشنطن في تفجير الألغام في المنطقة قبل تولي دونالد ترامب مقاليد السلطة في الولايات المتحدة، واحتمال حصول تدهور دراماتيكي للحرب على الجبهة الروسية - الأوكرانية، ودخول القواعد الأمريكية في منطقة الخليج وتركيا على خط التطورات الميدانية ما ينذر بالفعل بانفجار الوضع، وهو ما يفتح الاحتمالات على تدحرج ناري لأحجار الدومينو، وحينها من غير المستبعد أن تتحقق نبؤات الحرب العالمية الثالثة.
----‐----‐-------‐------‐----------------
(*) انتصرت المقاومة على العدو الصهيوني في العام 1985 حين أجبرت الاحتلال على الانكفاء إلى ما عُرف بالشريط المحتل، ثم انتصرت في حرب تموز العام 1993 وحرب نيسان العام 1996، ثم أنجزت التحرير في أيار عام 2000، ثم انتصرت في حرب تموز من العام 2006.
سورياحزب اللهالولايات المتحدة الأميركيةالمقاومةالجيش الاسرائيلي
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
11/03/2025
ملامح الخطط الأمريكية الشيطانية للبنان
11/03/2025
غزة بين الجحيم والتهديد والحيل
10/03/2025
الساحل السوري: خطاب التكفير يقود الى إبادة
التغطية الإخبارية
لبنان| وصول قادة الأجهزة الأمنية الذين تم تعيينهم إلى القصر الجمهوري للقاء الرئيس عون
الدفاع المدني في غزة: نقلنا جثامين 48 شهيدًا 10 منهم مجهولو الهوية دفنوا داخل أسوار مستشفى الشفاء
لبنان| الرئيس عون لوفد منظمة فرسان مالطا: علينا القيام بالإصلاحات لاستعادة الثقة الدولية
لبنان| الرئيس بري استقبل وزير الخارجية والشؤون الداخلية لدى فرسان مالطا
الطيران الصهيوني ينتهك السيادة اللبنانية ويُحلّق في أجواء الهرمل والبقاع الشمالي
مقالات مرتبطة

فنانو سورية خرجوا عن صمتهم.. رسالة غضب وتنديد ومطالبة بمحاسبة القتلة

بالأرقام| هربًا من المجازر.. موجات نزوح واسعة من الساحل السوري إلى لبنان

شهادات صادمة عمّا حدث في الساحل السوري.. إعدامات ميدانية ومعركة تطهير

«الجزيرة» لم ترتوِ من الدم السوري

"إسرائيل" تلعب في الصحن الدرزي في سوريا ولبنان

بالصور| حزب الله وأهالي حومين التحتا شيّعوا الشهيد على طريق القدس حسن عزّ الدين

جشّي: هل استطاعت الجهود السياسية والدبلوماسية أن تمنع اعتداءات العدوّ اليومية؟

عن كواليس حوار الأمين.. صباغ لـ"العهد": هكذا بُلّغت والتقينا

حزب الله وجمهور المقاومة شيّعوا الشهيد القائد عباس سلامة في كونين الجنوبية

النائب فيّاض من الصوانة: يجب أن نتمسك بوحدتنا الوطنية لمواجهة المشروع "الإسرائيلي"

تقرير أميركي يدعو إلى إيقاف المساعدات لكيان العدو

عراقتشي: لن ندخل بمفاوضات مباشرة تحت الضغوط والتهديدات

لماذا أُسقط دور «اليونيفل» في الجنوب؟

حملة مقاطعة أميركا تجاريًّا من كندا إلى أوروبا.. وأميركا تفرض شرطًا على الزوار الكنديين

بعد تنصيب ترامب.. 5 "مليارديرات" أميركيين خسروا 209 مليارات دولار

عضو مجلس أمناء حركة التوحيد الإسلامي لـ"العهد": العدوّ الصهيوني الغدار لا تردعه إلا القوّة والمقاومة

هل أضاع العرب قمة الفرصة الأخيرة بمخرجات تخلو من الأنياب؟

العرب بعد قمة القاهرة.. إلى أين؟

في نينوى.. معرض فني عن قادة النصر والمقاومة

مرقد الشهيد السيد نصر الله يعجُّ بالمُحبين.. "ممنونون لك يا سماحة السيد"

مجددًا.. جرائم الحرب تلاحق "إسرائيل" دوليًا

"اتفاق قسد مع الشرع"... هل دعمته "إسرائيل" طمعًا بالتطبيع؟

تقديرات "إسرائيلية": الجيش لن ينفّذ عملية برية جديدة في غزة
