مقالات مختارة
سلاح المقاومة بينَ طاولتَي الحوار والحكومة
ميسم رزق - صحيفة الأخبار
«حملة غير مُطابقة تماماً للواقع». هكذا اختصرت أوساط واسعة الاطّلاع في بيروت، المقاربة التي يقدّمها لبنان الرسمي حول سلاح المقاومة، بما يوحي وكأنّ عملية التخلص منه بفعل الضغط الخارجي، أصبحت مسألة وقت.
وتأتي هذه الإجابة، رداً على علامات استفهام كثيرة حول ما باتَ يكرّره رئيس الجمهورية جوزيف عون أو غيره عن «نزع السلاح»، وربطه بـ«تنفيذ الإصلاحات»، وإن كانَ تعامله مع هذا الملف يُظهِر واقعية مبنيّة على فهم موازين القوى، على عكس الآخرين الذين يُريدون تحقيق ذلك بمعزل عن أي نتائج كارثية على البلاد.
لا شكّ أن الهدف واحد ومحدّد، بالنسبة إلى السلطة التي كانت أول نتاج سياسي للحرب الصهيونية على لبنان، وهو نزع السلاح، وهو الهدف الذي يعيد الموفدون العرب أو الغربيون تذكير أقطاب السلطة به، والتأكيد على عدم وجود مهلة مفتوحة.
إلا أن الوسيلة إلى ذلك ترتسِم وفقَ مساريْن متوازييْن: الأول، يقوده الرئيس عون الذي يكرّر التعهّد بما وردَ في خطاب القسم لجهة حصرية السلاح في يد الدولة، مشدّداً على أهمية «اللجوء إلى الحوار» مُراعاة لحساسية الواقع اللبناني، وهو قد تحدّث خلال زيارته الأخيرة إلى قطر عن حوار قائم بينه وبين «حزب الله» عبر رسائل متبادلة تمهيداً للوصول إلى حل، وقال إنه متفق مع الرئيس نبيه بري «على كل المواضيع وخصوصاً حصر السّلاح بيد الدولة».
أما المسار الثاني، على المستوى الرسمي فيقوده رئيس الحكومة نواف سلام الذي قال بعدَ اجتماعه مع البطريرك بشارة الراعي قبلَ أسبوع إن الموضوع «طُرح في مجلس الوزراء، وكان جوابي أن نطلب سريعاً من الوزراء المعنيين ولا سيما وزير الدفاع أن يفيدنا بما التزمنا به في البيان الوزاري وكيف نتقدّم في بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحصر السلاح، وهذا الموضوع سيكون على جدول أعمال مجلس الوزراء قريباً، إن لم يكن في الجلسة المقبلة، ففي التي تليها».
ويبدو أن جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد اليوم في القصر الجمهوري، ستكون مناسبة لبدء نقاش جدّي داخل المؤسسات الرسمية حول ملف السلاح، وقالت مصادر رئيس الحكومة إن «جلسة اليوم ستتناول تطبيق القرار 1701 وبسط الدولة سيطرتها على الأراضي اللبنانية كافة، والمدى الذي وصل إليه الجيش اللبناني في انتشاره في الجنوب، حيث سيستمع الوزراء إلى تقرير وزير الدفاع ميشال منسى في هذا الشأن»، علماً أن مصادر وزارية توقّعت أن تتحول الجلسة إلى «مناسبة للمزايدات، ولا سيما من قبل «القوات اللبنانية» داخل الحكومة، وقد ينتج من ذلك اشتباك سياسي للمرة الأولى، خصوصاً أن وزراء في الحكومة سيردّون على موضوع سحب السلاح بأسئلة حول الآلية والضمانات والمقابل الذي سيحصل عليه لبنان مقابل التفريط في ورقة القوة الوحيدة التي يملكها».
هذه التطورات، مرفقة بحملة إعلامية ضخمة يقودها أعداء المقاومة في الداخل خلقت التباساً بشأن حقيقة ما يحصل، وهل ما إذا كان هناك حوار جدّي بدأ بين عون وحزب الله، وما إذا كان الحزب فعلاً قد أبدى استعداداً للنقاش في مصير سلاحه وتسليمه للدولة؟
في هذا الإطار، قالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إن الملف متشعّب والحديث عنه له أسباب كثيرة، أولها وأبرزها هو «الاستعجال الأميركي – السعودي الذي سمعه عون وغيره من المسؤولين اللبنانيين من الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، ومسؤول الملف اللبناني في الخارجية السعودية يزيد بن فرحان، حيث طلبا خلال زيارتهما إلى بيروت الإسراع في إنجاز هذا الملف». وعليه، فإن عون وسلام من خلال ما يقومان به يهدفان إلى إيصال رسالة عن جدّية الدولة في التعامل مع موضوع السلاح.
لكنّ ذلك، لا ينفي وجود تواصل بين الحزب وعون، لكن من المؤكد ليس على قاعدة «التفريط في السلاح وتسليمه»، وإنما «يحاول حزب الله ملاقاة رئيس الجمهورية، الذي يتصرّف حتى الآن، بمنطق عقلاني، في موضوع الحوار الذي لم يرفضه الحزب يوماً»، لكن وفق تصوّر واضح لاستراتيجية دفاع وطني تؤمّن ردعاً حقيقياً في وجه إسرائيل، وليس على طريقة سوريا التي دخل العدو إليها ودمّر كل ما كان يملكه الجيش السوري والدولة السورية من مقدرات عسكرية»، وهذا حوار، وفقَ ما تقول المصادر: «يحتاج إلى وقت كبير».
أما السبب الثاني للحملة الإعلامية، فيتعلق باستشراس أعداء المقاومة في الداخل على تحقيق هذا الهدف في أسرع وقت ممكن، تحاشياً لسيناريو لا يريدونه وهو أن تتمكّن المقاومة في هذا الوقت من ترميم نفسها واستعادة التوازن الداخلي بما يصعّب عليهم الأمر، فضلاً عمّا يُمكن أن تؤول إليه الأمور في المفاوضات الإيرانية – الأميركية والتي قد لا تكون لصالحهم.
أما غير ذلك، فتقول المصادر إن «ملف السلاح لم يناقش مع حزب الله بشكل جدّي، حيث إن الحزب ليس في وارد تسليم ترسانته من دون ضمانات تحمي البلاد من المشروع الصهيوني، وهو لن يخضع للضغوط الخارجية، لكنه لا يمانع البحث المباشر بين الرئاسة الأولى والثنائي الشيعي وهو متفهّم لموجبات طرح الموضوع، من دون إسقاط المحاذير وأيضاً ليس على التوقيت الأميركي – الإسرائيلي».
مع الإشارة إلى التصريح الذي أطلقه نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي أول أمس، وقال فيه إن «اليد التي ستمتد إلى سلاح المقاومة سوف تُقطع» في رسالة أرادها حزب الله أن تكون «شديدة الوضوح بوجه طروحات قوى داخلية تريد خدمة الخارج».
لبنانالحكومة اللبنانيةالمقاومة
إقرأ المزيد في: مقالات مختارة
التغطية الإخبارية
لبنان| إشكال وإطلاق نار في عين التينة - الضنية على خلفية الانتخابات
لبنان| وزيرة الشباب والرياضة ألغت العاب السكيت بورد والخماسي الحديث وركوب الموج
حماس: جرائم التدمير الممنهج لوسائل الحياة والمرافق المدنية لن تنجح في دفع شعبنا للاستسلام لمخططات التهجير الخبيثة
حماس: تدمير الاحتلال لمعدات مدنية مُخصّصة لإغاثة وإنقاذ المدنيين تأكيد لطبيعة هذا الكيان المجرم المتحلل من كل القواعد الأخلاقية
فلسطين المحتلة| حماس: استهداف الاحتلال مقار البلديات وقصف معدات للإنقاذ إمعان إجرامي في حرب الإبادة في غزّة
مقالات مرتبطة

حزب الله وجمعية و"تعاونوا" يقدمون الدفعة الثالثة من المساعدات الاجتماعية الطارئة للنازحين السوريين

اجتماع لجنة المتابعة للقمة الروحية في لبنان: لوقف العدوان المستمر على لبنان واستباحة سيادته

خروقات العدوّ متواصلة وارتقاء شهيدين في بعورته والحنية

برامج توعوية وأنشطة تفريغية لأبناء الشهداء والجرحى في البقاع

حديث الإستراتيجية الدفاعية بين المماحكة والجدّ

مراهقة قواتية في مجلس الوزراء والرئيس عون يتصدى: ماذا عن النقاط الخمس المحتلة؟

"سحب السلاح" وخروقات العدو.. "القوات" تُغرّد مجددًا خارج سرب الدولة

جلسة بعبدا.. تهميش المطالبات بجدول زمني لـ "سحب السلاح"

مرقص بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء: الاعتداءات "الإسرائيلية" المتكرّرة تؤخر انتشار الجيش

إقرار مشروع إعادة هيكلة تنظيم القطاع المصرفي.. ماذا في حيثياته؟

"نزع سلاح المقاومة"

فياض من الخيام: العدوّ واهم إذا ظنّ أن ضغوطاته ستجبر المقاومة على التراجع

بعد جولتها الثانية.. المفاوضات الإيرانية الأميركية تكشف ثبات المقاومة
