الانتخابات البلدية والاختيارية 2025

مقالات مختارة

الجامعة الأميركية في أسبوع فلسطين: ممنوع نقد الإبادة والمطالبة بحق العودة
17/04/2025

الجامعة الأميركية في أسبوع فلسطين: ممنوع نقد الإبادة والمطالبة بحق العودة

زينة حداد - صحيفة الأخبار

في ظل تصاعد وتيرة القمع الأكاديمي للخطاب الفلسطيني، أعلن النادي الثقافي الجنوبي - أحد أبرز الأطراف الطلابية المؤيدة لمشروع المقاومة في الجامعة الأميركية ببيروت - مقاطعته الرسمية لأسبوع فلسطين الذي ينظمه المركز الفلسطيني لدراسات الأرض PLCS.

جاء هذا القرار بعد رفض إدارة المركز سلسلة من الندوات الجوهرية التي كانت تهدف إلى كشف الآثار الإنسانية والعسكرية والإعلامية للحرب الأخيرة على غزّة، إذ اعتبرت الإدارة أن مناقشة هذه القضايا "تثير مواضيع حساسة" لا ترغب في الخوض فيها.

في موقف اعتبره النادي الجنوبي أنه يعكس ازدواجية في المعايير، تحولت فعاليات التضامن مع فلسطين في الجامعة إلى مساحة مقيدة تخضع لرقابة مسبقة، بينما وجد الطلاب أنفسهم مضطرين إلى نقل نقاشهم خارج أسوار الجامعة في بيروت – سيكون هناك أنشطة في قاعة الجنان في مدرسة البتول ببئر حسن، سينظم النادي الثقافي الجنوبي بدءًا من يوم الجمعة 18 نيسان، الندوات الممنوعة التي كان من المقرر أن يشارك فيها الأكاديميون والمختصون، منهم الدكتور رامي زريق، والعميد منير شحادة، والإعلامية بهية حلاوي. كما الغيت ندوة للمؤرخ الفلسطيني الدكتور سلمان أبو ستة تتناول حق العودة إلى فلسطين.

أعلن النادي الثقافي الجنوبي في الجامعة مقاطعة أنشطة المركز الفلسطيني لدراسة الأرض بسبب خضوعه لمعايير واشنطن

يشكّل التهميش المتعمّد لأسبوع فلسطين في الجامعة الأميركية لهذا العام نموذجًا صارخًا لآليات تقويض الخطاب النقدي في الفضاء الأكاديمي. فقد اتّسمت الفعاليات هذا العام بغياب الآليات التنظيمية الأساسية، بدءًا من تأخير إصدار دعوات رسمية للمشاركة، مرورًا بعدم نشر برنامج موحّد للأنشطة إلا قبل يوم واحد من بدء الأسبوع، ووصولًا إلى تقاعس الحساب الرسمي للفعالية على منصة إنستغرام عن القيام بدوره الترويجي. وتتجاوز هذه الإشكاليات التنظيمية البُعد الإداري لترتقي إلى مستوى الرقابة الأكاديمية.

وبحسب الكوادر من الطلاب، تندرج التغييرات الأخيرة ضمن تحوّلات أوسع تشهدها الأكاديميا الأميركية، خاصة بعد تولّي دونالد ترامب الرئاسة، حيث أصبح قمع الحراك التضامني مع الفلسطينيين إحدى أولويات السلطة السياسية. لكن ما تتجاهله إدارات الجامعات والأكاديميون المتواطئون في إسكات صوت فلسطين هو أن هذا الصمت يحول الجامعات إلى أدوات لإنتاج معرفة استعمارية قمعية، تُشرعن الإبادة الجماعية وتجرد المعرفة من إنسانيتها، بتبني ذروة الاستلاب المعرفي.

يشير علي أبو نعمة في حواره مع رانيا عبد الخالق (BreakThrough News)، إن المشكلة لا تقتصر على إقصاء فلسطين من الخطاب الأكاديمي والإعلامي والمجال العام، بل تمتد إلى منع أي نقد لـ"إسرائيل" كدولة تنتهك حقوق الفلسطينيين يوميًا وتُمارس الإبادة الجماعية ضدّهم.

الواقع اليوم يُظهر تناقضًا صارخًا: يُسمح بنقد كلّ الأنظمة والفلسفات، من الشيوعية إلى الدين، وحتّى أميركا نفسها، لكن النقد يصبح "خطًا أحمر" عندما يتعلق ب"إسرائيل".

هذا الانحياز ينبع من سردية استثنائية تمنح "إسرائيل" حق "الدفاع عن نفسها" بطريقة غير مشروطة، بينما تحرم الآخرين من هذا الحق، بل وتُبيح لها – عمليًا – مواصلة إبادة أهل غزّة من دون محاسبة.

ويبرز التناقض الجوهري في سياسة الجامعة عبر استضافتها لوفد من الشركات المتعاونة مع الكيان الصهيوني قبل أسبوع واحد فقط من موعد الفعاليات.

هذه الخطوة لا تعكس مجرد هفوة تقنية، بل تكشف عن نهج مؤسسي يعمل على تهميش موضوع نقد "إسرائيل" والإبادة المستمرة، وكلّ  ما يحصل في غزّة وكأنه أمر غير مهم في هذه المدة، بالمفارقة يكون هناك تجاوزات لمعايير المقاطعة الأكاديمية والثقافية والاقتصادية ل"إسرائيل"، وتناسٍ للترابط البنيوي بين هذا الفعل واستمرار الإبادة في غزّة.

تشير الشهادات الطالبية إلى تحوّل جوهري في سياسات المركز الفلسطيني لدراسات الأرض (AUB - PLCS) مع بداية العام الدراسي 2024 - 2025، حيث اتّخذت الإدارة الجديدة مسارًا يكرّس التقييد الذاتي للخطاب الفلسطيني.

وبحسب شهادة الطالبة ح.أ، فقد تبنّت الإدارة منهجية عمل تقوم على تضييق نطاق النقاش حول القضية الفلسطينية بحيث لا يتجاوز حدود الخطاب القانوني الدولي، مع تهميش متعمّد للمفاهيم المركزية مثل الشهداء والمقاومة.

كذلك الامتناع الكامل عن تنظيم أي تحركات جماعية داخل الحرم الجامعي، حتّى في ذروة المجازر كما حدث في 18 آذار 2024 حين أسفرت الغارات الصهيونية عن استشهاد أكثر من 400 فلسطيني في ساعات، من دون أي استجابة مؤسسية تليق بالحدث.

ويوضح الطالب ت.ع هذا التحول بالقول: "أصبح المركز خاضعًا لرقابة مسبقة على جميع أنشطته، في إطار سياسة منهجية تهدف إلى إفراغ النضال الأكاديمي مع فلسطين من مضمونه".

هذه الممارسات - بحسب الطلاب - تمثل امتدادًا لتأثيرات سياسات ترامب على البيئة الأكاديمية، إذ تحوّل أسبوع فلسطين من الحدث المركزي إلى مجرد فعالية هامشية تُدار بأسلوب يخلو من أي بُعد نضالي وفي حال الجامعة الأميركية في بيروت فإن التعامل معها كجسم مستقل عن المجتمع اللبناني يخضع للقانون الأميركي هو في الحقيقة نظرة أيديولوجية غير دقيقة ولا ممكنة في ظل وجود الجسم الطالبي الذي هو انعكاس لتركيبة المجتمع في لبنان.

لقد تحول أسبوع فلسطين في الجامعة الأميركية إلى ساحة صراع معرفي وسياسي تعكس التناقضات الجوهرية للمؤسسة الأكاديمية في تعاملها مع القضية الفلسطينية. فبينما تحاول الإدارات تحييد الخطاب وتحويله إلى مجرد نشاط "ثقافي" محايد وسنوي، تبرز المبادرات الطالبية الجذرية كضمانة أخيرة لحماية البُعد النضالي للقضية.

هذا الصراع ليس مجرد خلاف تنظيمي، بل هو تجسيد للصراع الأكبر بين خطاب المقاومة وآليات التطبيع، بين الذاكرة الثورية والنسيان المنظم، بين الجامعة كأداة للتحرير والجامعة كأداة للهيمنة.

قد يكون النادي الجنوبي الذي دعا إلى مقاطعة الأسبوع وسعى إلى تنفيذ أنشطة بديلة، قد سلك طريقًا ووجه رسالة إلى المركز الفلسطيني لدراسات الأرض حول أهمية الجذرية في هذا الزمن القاتل.

وفي الوقت نفسه، هناك عدد غير قليل من الأنشطة ضمن أسبوع فلسطين (من 17 - 24 نيسان) التي عملت على تنظيمها نوادٍ أخرى مثل "النادي الثقافي الفلسطيني PCC" التي لها مضمون جيد جدًا وتستحق الحضور والتشجيع ولا يجب مقاطعتها والأهم من ذلك كله هو أن لا ينتهي حضور فلسطين بانتهاء الأسبوع.

فلسطين المحتلةغزةالجامعة الاميركية في بيروت

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
الإبادة في غزة مستمرة.. عشرات الشهداء والمصابين في غارات "إسرائيلية" عنيفة
الإبادة في غزة مستمرة.. عشرات الشهداء والمصابين في غارات "إسرائيلية" عنيفة
مستوطنون يُنفّذون اعتداءات في رام الله وسلفيت ويُحطّمون ممتلكات المواطنين
مستوطنون يُنفّذون اعتداءات في رام الله وسلفيت ويُحطّمون ممتلكات المواطنين
آثار نفسية وجسدية يعانيها الأسرى الفلسطينيون: تعذيب من لحظة الاعتقال وحتى الإفراج
آثار نفسية وجسدية يعانيها الأسرى الفلسطينيون: تعذيب من لحظة الاعتقال وحتى الإفراج
الاحتلال يصعّد عدوانه على الضفة.. شهداء ومعتقلون وهدم للمنازل
الاحتلال يصعّد عدوانه على الضفة.. شهداء ومعتقلون وهدم للمنازل
إسحاق بريك: الجيش "الإسرائيلي" تكبّد هزيمة مؤلمة ويحتاج لترميم
إسحاق بريك: الجيش "الإسرائيلي" تكبّد هزيمة مؤلمة ويحتاج لترميم
"ميرسك" تعترف بعد إنكار: ننقل قطع "أف 35" إلى "إسرائيل" 
"ميرسك" تعترف بعد إنكار: ننقل قطع "أف 35" إلى "إسرائيل" 
الإعلام الحكومي في غزة: الوضع الإنساني في القطاع يدخل مرحلة الانهيار الكامل
الإعلام الحكومي في غزة: الوضع الإنساني في القطاع يدخل مرحلة الانهيار الكامل
مستوطنو غلاف غزة لنتنياهو: تعبنا من حرب مستمرّة لا تحقّق أهدافها
مستوطنو غلاف غزة لنتنياهو: تعبنا من حرب مستمرّة لا تحقّق أهدافها
الـ AUB تستضيف شركات ممولة للاحتـلال
الـ AUB تستضيف شركات ممولة للاحتـلال
وزير الثقافة: على الجامعة الأميركية سحب الدكتوراه الفخرية من رئيسة جامعة كولومبيا
وزير الثقافة: على الجامعة الأميركية سحب الدكتوراه الفخرية من رئيسة جامعة كولومبيا
بالصور: تظاهرة من داخل حرم الجامعة الأميركية في بيروت نُصرةً لغزة
بالصور: تظاهرة من داخل حرم الجامعة الأميركية في بيروت نُصرةً لغزة
أساتذة الجامعة الأميركية في بيروت: الدعم الأميركي للعدو مساهمة في إبادة غزّة
أساتذة الجامعة الأميركية في بيروت: الدعم الأميركي للعدو مساهمة في إبادة غزّة
فضائح فساد الجامعات الأميركية في بيروت والقاهرة: كيف ينفقون الأموال؟
فضائح فساد الجامعات الأميركية في بيروت والقاهرة: كيف ينفقون الأموال؟

خبر عاجل