مقالات مختارة
عَودٌ على بدء | ضمانة حفظ السيادة: معادلة الشعب والجيش والمُقاومة
الحاج محمد رعد*- صحيفة "الأخبار"
ليست المُقاومة الإسلامية، ولم تكن يوماً ما، منغلقة على قناعاتها، أو مُمتنعة عن نقاش الرأي الآخر، وخُصوصاً في ما يتصل بالسيادة والاستقلال الوطني والمصير الوطني... لكنها، بكُلّ تواضع وثقة واعتزاز، وباعتبارها صاحبة تجربة مريرة في مواجهة العدو الصهيوني وعقيدته القتالية وأصوله التي تنطلق منها أو على أساسها مواقفه ومشاريعه، وباعتبار أن قضايا المصير الوطني والسيادة لا تُناقش على قاعدة مُراعاتها للمصلحة الوطنية الراهنة على أهمّيتها، وإنما على قاعدة مُراعاتها للمصالح الاستراتيجية الوطنية والمبادئ والحقوق القانونية والإنسانية. وذلك لأن ما يتوافق اليوم مع مصلحتنا الوطنية الراهنة قد يتصادم بعد فترة زمنية، تصغر أو تكبر، مع هذه المصلحة إذا ما تبدّلت بعض الأوضاع الاستراتيجية أو تعدّلت بعض موازين القوى لمصلحة عدوّنا، وتعدَّل تبعاً لذلك تشخيصنا لمصلحتنا الوطنية الراهنة. وكذلك لأن التهديد المتواصل لسيادتنا الوطنية ولأمننا الوطني ولاستقرار بلدنا، مصدره عدوّ وجودي صهيوني توسّعي له أطماع استراتيجية وعقائدية في لبنان، ولا يخفى ذلك على أحد من مُفكّري العالم وخبراء الأديان والباحثين السياسيين والتاريخيين أيضاً، فإننا معنيّون بأن نصوغ المسائل التي تتّصل بسيادتنا وبأمننا الوطني على قاعدة صون البلاد استراتيجياً من تهديدات العدو الصهيوني ومخاطره الوجودية والاستراتيجية.
ووفق هاتين القاعدتين، ولكُل ما تقدم من اعتبارات، فإن المقاومة الإسلامية منفتحة على كل صيغة أو طرح يُوفر أو يُحقق الحدّ الأدنى من مُراعاة هاتين القاعدتين. وبدون ذلك يُصبح استقرار لبنان وسيادته في مهبّ التقلبات المصلحية أو المزاجية للعدو الصهيوني، وتبعاً لتنامي قدراته أو فعالية تحالفاته. القرار الدولي الرقم 1701 الذي صدر في أعقاب الحرب العدوانية الصهيو – أميركية على لبنان عام 2006 كان يُمثل نموذجاً لمُراعاة الحد الأدنى للمبادئ القانونية وللمصلحة الاستراتيجية الوطنية للبنان، ولذلك رغم تكيّف المُقاومة الإسلامية والتزامها ببنوده وخصوصاً تلك التي تتضمّنها المرحلة الأولى من العمل بموجباته، إلا أن العدو راح يخرق بنود القرار ويتمادى في ذلك حتى تجاوزت خروقاته الثلاثين ألف خرق بأقل التقادير، من دون أن تتخذ الجهات الراعية للقرار أي إجراء ضد الكيان الصهيوني يضغط عليه لوقف الخروقات.
والخرق المعادي والمتواصل والمتمادي والمسكوت عنه يتوجّب إزاءه أن يختفي الضجيج حول بعض الخروقات الضرورية لتدارك أضرار ما ينجم عن الخروقات المعادية، من دون أن تتصعّد الأمور نحو اندلاع حرب.
هذا ما حصل في لبنان منذ عام 2006 وإلى 7 تشرين الأول عام 2023، حيث تغيّرت بعد ذلك ظروف العدو والظروف المُجاورة للبلاد، وأملت إجراءً داعماً ومسانداً لغزة بناءً على فهم المقاومة الإسلامية لمشروع العدو الصهيوني ومخاطر استهدافاته لغزة وما بعدها، وبناءً على ما سعى إليه الكيان الصهيوني عبر أذرع رُعاته الدوليين وتوابعهم الإقليميين حين أراد أن يضعف سوريا وقدراتها من خلال استنزافها بالغزوة التكفيرية، وصولاً إلى إضعاف المقاومة الإسلامية في لبنان التي كانت وستبقى تُمثّل التحدي الاستراتيجي لتوسّعه العدواني ولسيطرته على لبنان والمنطقة وإخضاعهما لتسلّطه وهيمنته لمصلحة تحالفه مع الإدارة الأميركية الراعية لمشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني، وسوق أنظمة المنطقة لقبول هذا المشروع والخضوع لمندرجاته.
إن الحرب على سوريا كان هدفها الاستراتيجي إضعاف سوريا وإسقاط نظامها وفتح الطريق أمام استهداف الكيان الصهيوني للمقاومة في لبنان، رغم وجود القرار 1701 المفترض أنه الناظم الدولي للأوضاع بين الكيان الصهيوني ولبنان.
ومن دون أيّ تردد، فإن الحرب العدوانية الإسرائيلية التي تذّرعت بطوفان الأقصى، إنما صُمّمت خطّتُها لإنهاء حماس في غزة ومعها كل فصائل المُقاومة، ولو تطلّب ذلك إبادة شعب غزة وتدميرها بشكل كامل وترحيل الأحياء من أهلها إلى شتات جديد وإكمال العدو مشروعه بغزو لبنان مُجدداً ومُحاولة إنهاء المقاومة الإسلامية، فيه ليفرض سيطرته ويُخضع لبنان لموازين قوى جديدة تكرّس النفوذ الصهيوني في البلاد بأشكال وأدوات ليست مجهولة.
حينذاك لا يعود مضموناً استقرار الوضع الداخلي وفق ميثاق الوفاق الوطني، ولربما تراود البعض آنذاك أحلام قديمة أو شبيهة لها.
في ضوء هذه القراءة لمشروع الكيان الصهيوني وسياق استهدافاته وطبيعة اعتداءاته التي مارسها ويُمارسها ضد غزة ولبنان... إذا كان الطرح المتداول لوقف العدوان هو العودة إلى تطبيق القرار 1701 المُلتزم بتنفيذه لبنان عبر حكوماته المُتتالية مُنذ عام 2006، فمن الواضح والمحسوم أن العدو سيراوغ ويُماطل وسيحاول بكل السبل فرض تعديلات بأساليب وأشكال متنوعة من أجل أن ينهي فاعلية المقاومة التي لولاها ولولا صُمودها وثباتها واحتضان اللبنانيين أو أكثريتهم لخيارها، لما نجم عملياً عن ذلك كله إيصال العدو إلى طريق مسدود مُكلف ومستنزف له. ولذا، سيكون مُستبعداً جداً أن يستجيب العدو لهذا الطرح أو يقبل الحديث عن وقف لعدوانه على لبنان من دون ضغوط أو استنفاده خيار استخدام القوة الضاغطة في الميدان. رغم ذلك، سننتظر ونرى نتائج التفاوض غير المُباشر، مع التأكيد أن ما أعلنه دولة الرئيس نبيه بري من أن أيّ تعديل بالزائد أو بالناقص على نص القرار 1701 هو أمر لا يقبل به عاقل، إنما يعبّر عن منطق والتزام وطني واثق وصارم ومسؤول، بالحق السيادي والإنساني الذي تُدافع عنه المقاومة بثبات وشجاعة وإباء.
يبقى السؤال المشروع عن ضمان التزام العدو بمُوجبات القرار، وهل من ضمانة سياسية يُمكن الرُّكون إليها؟!
بكُلّ جرأة، نفترض أن الضمانة المُثلى هي في المُعادلة نفسها التي أرغمت العدوّ مُجدداً على وقف عدوانه وتيئيسه من إمكانية إخضاع إرادة اللبنانيين وانتهاك سيادة بلدهم.
إنها مُعادلة الشعب والجيش والمُقاومة.
وإذا ما زال لدى البعض نقاش حول أصل هذه المُعادلة أو حول تفعيلها، أو يقترح مُعادلة أخرى، فالحوار الوطني السيادي وحده هو السبيل الواقعي المُجدي لحسم هذا الأمر، والضامن لتعزيز الوفاق الوطني اللبناني.
*رئيس كُتلة الوفاء للمُقاومة
إقرأ المزيد في: مقالات مختارة
13/03/2025
لماذا أُسقط دور «اليونيفل» في الجنوب؟
12/03/2025
أميركا تُدخل لبنان في مغامرة التطبيع
12/03/2025
الوجبة الأميركية الإسرائيلية المسمومة
11/03/2025
«الجزيرة» لم ترتوِ من الدم السوري
10/03/2025
الإعلام "الثوري" متل الأطرش بالزفّة!
التغطية الإخبارية
سورية: توغل "إسرائيلي" واسع في ريف القنيطرة.. تفجيرات تستهدف مواقع عسكرية وانسحاب بعد ساعات
لبنان| وزير الإعلام: لم يتم التطرق للكلام "الإسرائيلي" عن التطبيع
لبنان| وزير الخارجية من قصر بعبدا: وزراء أكدوا بعد انتهاء جلسة الحكومة أنه لم يتطرقوا الى مسألة التطبيع مع العدو
لبنان| وزير الخارجية من قصر بعبدا: لم يعترض أحد على التعيينات في جلسة الحكومة ولم يجرِ التصويت
لبنان| وزير الإعلام: تعيين العميد رائد عبد الله مديرًا عامًا لقوى الأمن الداخلي وترقيته لرتبة لواء
مقالات مرتبطة

النائب فضل الله: ما يحصل من حولنا يزيدنا تمسّكًا بعناصر القوّة

بالفيديو| الشهداء القادة على طريق القدس

حزب الله وجماهير المقاومة يشيّعون الشّهيد علي بحسون في طيردبا

رئيس بلدية عيترون لـ "العهد": تشييع اليوم لتجديد العهد للشهداء .. ونحن باقون مقاومة منتصرة

المقداد: المقاومة ستستمر في نضالها حتى تحقيق أهدافها

بالصور| حزب الله وأهالي حومين التحتا شيّعوا الشهيد على طريق القدس حسن عزّ الدين

جشّي: هل استطاعت الجهود السياسية والدبلوماسية أن تمنع اعتداءات العدوّ اليومية؟

عن كواليس حوار الأمين.. صباغ لـ"العهد": هكذا بُلّغت والتقينا

حزب الله وجمهور المقاومة شيّعوا الشهيد القائد عباس سلامة في كونين الجنوبية
