الانتخابات البلدية والاختيارية 2025

خاص العهد

 تداعيات الحرب على أطفال لبنان.. في قلب كلّ طفل صغير بطلٌ كبير 
22/04/2025

 تداعيات الحرب على أطفال لبنان.. في قلب كلّ طفل صغير بطلٌ كبير 

تحت القصف، في عالم بالغ القسوة، انهدم البيت، وامتلأ قلب الطفل بالرعب، ذلك البيت الذي كان المأوى بات دمارًا وحطامًا. أطفال حرمهم العدو الصهيوني الطفولة والأمان، فبين الهرب من الموت والتهجير، ومشاعر الخوف والفقد، أيقن الأطفال أن الحياة لم تكن كما صوّرها لهم معلمهم، "العالم جميل والسماء زرقاء". 

بين الألم والأمل، عانى أطفال لبنان من تداعيات الحرب النفسية. فالحرب تحوّل الطفل إلى شخص آخر، نتيجة الخوف والتهجير والتغير في الروتين الذي يعد أساسيًا في عملية التربية، بحسب الاختصاصية التربوية فاطمة زين الدين. وعانى بعض الأطفال من القلق الشديد، وخاصة الخوف من الموت أو الفقدان، ومن مشاكل النوم والأحلام المزعجة المترتبة على الذكريات المؤلمة التي خزنها عقلهم الباطن، ومن سرعة الانفعال، ونوبات غضب شديدة مبالغ فيها عند أبسط المواقف كنوع من التفريغ الانفعالي لجرعات الألم والخوف والقلق التي مروا بها في مشاهد الحرب، وتوجه بعض الأطفال لعادات سيئة كقضم الأظافر، أو فقدان الشهية. ولعل أبرز المشكلات النفسية هو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وفقًا لزين الدين، والذي يصاب به الأطفال الذين تعرضوا لقصف أو فقد عزيز، فيلجؤون للاعتزال، ويمكن أن يدخل الطفل في حالة حزن شديدة قد تعرضه للدخول في حالة اكتئاب.

تتحدث الاختصاصية التربوية لموقع "العهد" الإخباري عن بعض الحالات التي تابعتها، وتلفت إلى أن الفئة العمرية من 3 سنوات إلى 7 سنوات كانت الأكثر تأثرًا مقارنةً بالمراحل العمرية الأخرى، موضحة أن البنية النفسية للأطفال تختلف من طفل لآخر، فالبنية النفسية القوية تساعد الطفل على تجاوز أفضل، ومواجهة التحديات بشكل أقوى. 

كيف ندعم الطفل المحطّم نفسيًا بسبب الحرب؟

تعقيبًا على ما سلف، تقول زين الدين إنّ للأهل دورًا حاسمًا في توفير الدعم والحماية من الصدمات النفسيّة والتخفيف من آثارها على أطفالهم، فشعور الأطفال بالخوف أمر طبيعي، ومن المناسب مساعدتهم في تقبل مشاعر الخوف والقلق وعدم التهرب منها بالكبت. وتقدم في هذا السياق بعض النصائح المهمة في التعامل مع الأطفال، منها مساعدتهم على تفريغ المشاعر السلبية، والتعبير عما بداخلهم، ومساعدتهم بإيجاد المفردات المناسبة للتعبير عن أحاسيسهم، من خلال منحهم مساحة للحديث، أو عبر تنظيم النشاطات الإبداعيّة التي توفّر لهم فرصًا للمرح والاسترخاء والتكلم، خاصة الألعاب التي يستخدم فيها الطفل يديه كالمعجون والرسم، لدورها المهم في عملية التفريغ النفسي. وتؤكد ضرورة منح الطفل مساحته ليسترجع ذكريات عاشها في الحرب أو أحداث أحزنته عبر قراءة القصص وحثه على المشاركة بسرد الأحداث ليتمكن من إفراغ المشاعر السلبية. 

وإذ تشير المتخصصة التربوية لـ "العهد" إلى أن أكثر من 70 بالمئة من سلوكيات الأطفال تحسنت بعد عودتهم للروتين اليومي، تشدد في الوقت نفسه على ضرورة الاستعانة بالمعالجين النفسيين للمساعدة في حالات الصدمات النفسيّة الشديدة والتوتّر الزائد، كاضطراب ما بعد الصدمة "PTSD"، لتدارك وضع الطفل والسيطرة على الوضع كي لا يتفاقم.

وتوضح أن الكشف عن هذه الحالات هو الخطوة الأهم في مسيرة العلاج، فأهم معوقات اكتشاف هذه الحالات عند الأطفال وتشخيصها هي عدم قدرتهم على التعبير عمّا يمرّون به، أو إنكار الأهل خصوصًا الأمهات لحالة طفلهم وتجاهلهم للوضع. 

كشافة الإمام المهدي (عج) 

وفي هذا السياق، لم ينفصل دور كشافة الإمام المهدي (عج) عن العدوان الصهيوني على لبنان. فمنذ اندلاع حرب الـ 66 يومًا، أقامت الجمعية خطة عمل تشغيلية لاستقبال العائلات والأطفال، والاهتمام بالجانب النفسي، يقول الشيخ ربيع الحاج أمين الإعلام وتنمية المجتمع في مفوضية جبل لبنان والشمال في كشافة الإمام المهدي (عج) لموقع "العهد". وانطلاقًا من ذلك، أقامت كشافة الإمام المهدي (عج) مجموعةً من الأنشطة الترفيهية والتعليمية التي استهدفت الأطفال من مختلف الأعمار، إذ شاركوا في ألعابٍ متنوعة، ومسابقاتٍ وتحدّياتٍ مسليّة، أظهرت روح التعاون والمنافسة الإيجابية بينهم، وخلقت أجواء من الحماس خلال فترة الحرب في مناطق النزوح ومراكز الإيواء.

وشكلت لجان عديدة، من ضمنها لجنة تعنى بالأنشطة للترفيه عن الأطفال، ومن ضمنها المتابعات النفسية عبر مختصين، إذ واجه بعض الأطفال مشاكل بالنطق على سبيل المثال، فعمدت الجمعية لمتابعتها وعلاجها، بحسب الحاج الذي يؤكد أن هذه الأنشطة استمرت بعد الحرب، وخاصة في شهر رمضان الذي كان فرصة للجمعية لإقامة الأنشطة الروحية للأطفال والناشئة، ومساحة للإفراغ النفسي، عبر الدعاء والمناجاة، وقراءة القرآن، والأنشطة الذهنية. كما أقامت الجمعية رحلات رياضية وترفيهية، وألعابًا ميدانية، إلى جانب الاهتمام بإقامة كرمس حيثما استطاعت.

ويلفت الحاج إلى أن كشافة الإمام المهدي (عج) ركزت على زرع روح التفاؤل بين الأطفال عبر الحديث عن المستقبل، والأمل بظهور الإمام المهدي (عج)، عبر القصص الشيقة، والشخصيات الكرتونية المحببة، والأنشطة المتنوعة. 

أعراض صحية 

بالإضافة إلى الأعراض النفسية، تطورت لدى الأطفال مشكلات صحية جرّاء الحرب، يلخصها دكتور الأطفال المختص محمد شيت لموقع العهد، مستندًا إلى الدراسات التي قامت بها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، ومنظمة اليونسيف، ومنظمة الصحة العالمية.

يسهب شيت بالحديث عن جزيئات الفوسفور الأبيض التي تسبب حروقًا كيميائية شديدة. وقد يتسبب الدخان الناتج عن حرق الفوسفور في تهيج الجهاز التنفسي للأطفال أو تلفه، والسعال، والسرطانات، وحتى الفشل الكلوي والمشاكل المناعية، ومشاكل في الجهاز العصبي.

المواد السامة المستخدمة بالأسلحة تؤدي إلى ضرب الجهاز العصبي، ومشاكل الجهاز المناعي، وزيادة معدل عدوى الأمراض عند الأطفال خاصة في الشتاء.

ويلفت هنا إلى أن مخاطر إعادة الإعمار والغبار الملوث المنبعث من المعادن الثقيلة الملوثة يتراكم بأجسام الأطفال ويسبب تأخرًا بالنمو العصبي والتطور الذهني، ويتمثل بانخفاض معدل الذكاء وصعوبة التعلم، واضطرابات هرمونية. 

وعن سبُل الوقاية التي ينصَح بها المواطنين لتجنّب التعرّض لهذه السموم، يدعو شيت للابتعاد قدر الإمكان عن موقع مصادر الدخان، إذ بقدر ما نبتعد عنها بقدر ما نخفّف من أضرار المواد المشتعلة، إلى جانب ارتداء الكمامات، لافتًا إلى أنّ "كمامة N95" تحمي من سموم المواد الغازية المنتشرة في الجوّ بنسبة معينة.

ويدعو شيت إلى إجراء فحوصات طبية للأطفال وتحاليل دم لمتابعة أي خلل، لأن طب الأطفال هو طب وقائي لحمايتهم مستقبلًا.

ويختم: "نستطيع تجنب المشاكل بالتعاون بين الحكومة والطاقم الطبي وأفراد المجتمع، ولنا تجربة مع هذا الموضوع بعد حرب تموز 2006".

سوء التغذية عند الأطفال

عند الحديث عن الموضوع الصحي لا يجب أن نغفل عن التغذية، فعدم حصول الطفل على القدر المناسب والاحتياج الأساسي من العناصر الغذائية الرئيسية كالبروتينات والدهون الصحية والفيتامينات بالإضافة إلى المعادن وسط ظروف الحرب والتهجير، قد يؤدي إلى التأثير على صحة الطفل ونموه البدني والعقلي.

تشير اختصاصية التغذية ميرنا سرحان لموقع "العهد" إلى أن نقص الغذاء عند الأطفال يؤثر فيهم مدى الحياة، إذا لم نتدارك الوضع. وقد يكون حادًا، مما يسبب نقص الوزن بسرعة، وأحيانًا مزمنًا، فيؤثر في النمو الطبيعي للطفل.

وبحسب سرحان، يسبب سوء التغذية التعب، وصعوبة في الانتباه، وفقر الدم الناتج عن نقص الحديد، وتأخر في النمو العقلي والسلوكي، والنقص في المناعة. 

كيف نعالج سوء التغذية لدى الأطفال؟

لمعالجة تداعيات سوء التغذية، تؤكد سرحان ضرورة مراقبة مؤشر كتلة الجسم بانتظام ومتابعة الوزن والوظائف الأساسية بشكل مستمر، والبدء بإعطاء الطفل طعامًا سهل الهضم وغنيًا بالسعرات كشوربة العدس، والبطاطا، قبل الانتقال للطعام الغني بالبروتين والخضار، إلى جانب الأغذية التي تعوض النقص، والغنية بالبروتين، وعلى رأسها اللحوم والدجاج والبيض، ومنتجات الدهون الصحية، أبرزها المكسرات النيئة، ولا نغفل عن الخضار والفاكهة.

وتلفت هنا إلى ضرورة التدرج في إعطاء الطفل الكميات والأنواع، لتحسين عمل الجهاز الهضمي بعد فترة من الغذاء السيئ. 

تقول: "إن الطفل بعد الحرب وخاصة الذي يعاني من فقدان الشهية يحتاج إلى بيئة داعمة، وتشجيع وصبر من قبل الأهل"، مشددة على ضرورة استشارة طبيب أطفال مختص لإعطاء المكملات الغذائية، لأنه يعطي الجرعة المناسبة مع وضع الطفل وعمره.

وتشير إلى أهمية توعية الأهل حول أهمية تقديم الغذاء المناسب والمتنوع لطفلهم، وذلك وفقًا لحاجته اليومية.

الاطفالالامراض النفسيةالعدوان الإسرائيلي على لبنان 2024

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
لتعزيز صحة الأطفال.. أنشطة توعوية وكشوفات طبية الهيئة الصحية في البقاع
لتعزيز صحة الأطفال.. أنشطة توعوية وكشوفات طبية الهيئة الصحية في البقاع
"بسمة الأبطال" .. برنامج ترفيهي تربوي للأطفال لتخفيف آثار العدوان النفسية
"بسمة الأبطال" .. برنامج ترفيهي تربوي للأطفال لتخفيف آثار العدوان النفسية
جريمة إبادة صادمة.. استشهاد 490 طفلًا خلال 20 يومًا في غزة
جريمة إبادة صادمة.. استشهاد 490 طفلًا خلال 20 يومًا في غزة
نتيجة البرد في غزة.. وفاة خامس طفل خلال أسبوع
نتيجة البرد في غزة.. وفاة خامس طفل خلال أسبوع
"اليونيسف": أطفال غزّة الأكثر تضررًا ويحتاجون دعمًا نفسيًا وتعليميًا
"اليونيسف": أطفال غزّة الأكثر تضررًا ويحتاجون دعمًا نفسيًا وتعليميًا
جيش الاحتلال يفتتح مركزًا لصحة جنوده العقلية
جيش الاحتلال يفتتح مركزًا لصحة جنوده العقلية
أرقامٌ تُظهر إدمان المستوطنين على الأدوية المنوّمة
أرقامٌ تُظهر إدمان المستوطنين على الأدوية المنوّمة
بالفيديو.. هذا هو الجيش الذين يريد أن يقضي على المقاومة في غزة!!
بالفيديو.. هذا هو الجيش الذين يريد أن يقضي على المقاومة في غزة!!
التجمّع العلمي للنفسيين.. مُلتقى يتصدّى لأوبئة المجتمع
التجمّع العلمي للنفسيين.. مُلتقى يتصدّى لأوبئة المجتمع
العدو يواصل جرائمه.. شهيدان وجريحان في غارتين على كوثرية السياد وحولا
العدو يواصل جرائمه.. شهيدان وجريحان في غارتين على كوثرية السياد وحولا
وزير العمل يضع منظمة العمل العربية في صورة الأوضاع بعد العدوان الصهيوني: دعم فوري من المنظمة لخطة الوزارة 
وزير العمل يضع منظمة العمل العربية في صورة الأوضاع بعد العدوان الصهيوني: دعم فوري من المنظمة لخطة الوزارة 
لجنة "كلنا للهرمل"  تُكرّم أهالي بلدات في البقاع الشمالي لاستضافتهم نازحين في الحرب الأخيرة
لجنة "كلنا للهرمل"  تُكرّم أهالي بلدات في البقاع الشمالي لاستضافتهم نازحين في الحرب الأخيرة
الفوسفور الأبيض مجددًا في الجنوب: عدوانٌ بيئي يُضاف إلى سجلّ الجرائم الصهيونية
الفوسفور الأبيض مجددًا في الجنوب: عدوانٌ بيئي يُضاف إلى سجلّ الجرائم الصهيونية
الزين أمام لجنة البيئة: نعمل على تقرير للأثر البيئي للعدوان "الإسرائيلي"  للاستفادة منه بشكوى ضد العدو
الزين أمام لجنة البيئة: نعمل على تقرير للأثر البيئي للعدوان "الإسرائيلي"  للاستفادة منه بشكوى ضد العدو