أبناء المخيمات الفلسطينية شمال لبنان يجدّدون تمسكهم بالمقاومة كخيار وحيد

‎منذ اللحظات الأولى لعودة جيش العدو الصهيوني للتصعيد العسكري بعدوان همجي غاشم على أهالي قطاع غزة، كان الموقف الحاسم للآلاف من أبناء المخيمات الفلسطينية في شمال لبنان من مخيم البداوي إلى نهر البارد، بالوقوف خلف المقاومة ومساندتها في مواجهة هذا العدوان الذي يستهدف الحجر والبشر، بدعم وتغطية من قبل الإدارة الأميركية التي تُساند العدو بإجرامه المستمرّ بحق الشعب الفلسطيني المظلوم.

وقد هبّ أبناء مخيّمي نهر البارد والبداوي، بمَسيرات شعبية حاشدة جابت شوارع المخيّمين على وقع الأناشيد الثورية المؤيّدة للمقاومة، ورفع رايات قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وصور قادة المقاومة والناطق العسكري باسم سرايا القدس الشهيد "أبو حمزة"، والذي شكّل استشهاده نقطة قوة للمقاومة وجمهورها، حسب ما قال أبناء المخيّمات لموقع "العهد" الإخباري خلال جولة في شوارع المخيمات، حيث اعتبر المشاركون بالمَسيرات أنّ شهادة "أبي حمزة" هي امتداد للعمل المقاوم الذي يسلكه الآلاف من رجال وقادة المقاومة، المؤمنون بأنّ الشهادة هي هدف أساسي في مسيرتهم، ويتسابقون من أجل نيلها على طريق القدس.

‎التعبير الشعبي العفوي للشعب الفلسطيني المناصر للمقاومة الذي خرج مع بدء العدوان هو رسالة للجميع، بأنّ خيار أبناء فلسطين رغم كل الضغوطات التي تُمارس عليهم، كان وما زال على مر السنين هو التمسّك بالمقاومة وخيارها، كسبيل وحيد للمواجهة المفتوحة مع العدو الصهيوني، لأنّ ما يحصل على أرض غزّةَ هاشم يُثبت ضرورة التمسك أكثر من أي وقت مضى بالسلاح وبالعمليات الفدائية، والكفاح بكافة أشكالهم وصولًا للتحرير.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 

وفي مقابلة خاصة لموقع "العهد" الإخباري، قال نائب المسؤول الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان فتحي أبو علي: "إنّ العدو قد بدأ حرباً جديدة على غزة، سقط فيها حتى اللحظة المئات من الشهداء والجرحى، استكمالًا للحرب التي يشنّها على شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة والقدس وأيضًا جنوب لبنان، بدعمٍ أميركي وبغطاء عربي وبصمت دولي"، ورأى أنّ "الشعب الفلسطيني كما واجه العدوان على غزة، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على مدار سنة ونصف، سيُواجه أيضًا هذا العدوان بعزيمة وثبات وبوحدة وطنية فلسطينية، تجسّدت على الأرض من خلال مشاركة فصائل المقاومة الفلسطينية كافة، وكل السرايا والكتائب التي تصدّت للعدوان الصهيوني، وبصمود شعبنا الفلسطيني وتشبّثه بأرضه ووطنه، ودفاعًا عن عزة وشرف هذه الأمّة، ودفاعًا عن غزة والضفة والقدس".

وشدّد أبو علي على أنّ المقاومة ثابتة على موقفها ومبدئها، بالإفراج عن كل الأسرى والمعتقلين الفلسطينين من سجون العدو الصهيوني، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، ووقف العدوان فورًا.

وأضاف: "ليس من الغريب على الدول العربية التي تنبطح للتطبيع مع العدو الصهيوني من أجل أن تُحافظ على مناصبها وعروشها، ونحن لا نعوّل على الدول العربية، بل نعوّل على الشعوب العربية التي يجب أن تنتفض أمام ما يجري"، داعيًا إلى "أن لا تقف ساكتة، وأن يتحرك الشارع العربي من أجل دعم وإسناد الشعب الفلسطيني".

وتوجّه القيادي في الجبهة الشعبية عبر "العهد"، بالتحية إلى القادة الشهداء، والذي كان آخرهم "أبو حمزة"، والتحية إلى المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، وإلى روح الشهيد القائد الكبير سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، وكلّ شهداء محور المقاومة.

الجهاد الإسلامي

بدوره، تحدّث القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أبو لواء موعد لموقع "العهد"، وقال: "لا شك أنّ الاحتلال لا يُريد وقف عدوانه، خصوصًا أن الفرصة سانحة له بعد الدعم والتأييد الأميركي"، مشددًا على أنّ المقاومة أجبرته على وقف مجازره من شهرين، ولكنّه الآن يُحاول أن يرسم ملامح نصر لم يحقّقه على مدار عام ونيّف على بدء طوفان الأقصى.

وتابع: "في ظل الحرب العدوانية على قطاع غزة، لا بدّ أن يكون الرد المتكامل في تثوير جبهة القدس والضفة، ومساندة الشعب الفلسطيني في تحرّكاته أينما وُجد، وكذلك تحرّكات الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، والضغط على حكوماتها لوقف مجازر الاحتلال"، داعيًا المجتمع الدولي والحكومات العربية والإسلامية أن تفعّل أدوارها في تحمّل مسؤولياتها تجاه الظلم الواقع على غزة، لافتًا إلى أنّ استمرار الصمت يُفقدها ليس إنسانيتها وحسب، وإنّما كلّ القيم المعمول بها للإنسان.

وأضاف موعد: "كما قُلنا منذ بداية الطوفان وما زلنا، لن يكون تبادل للأسرى إلّا بوقف العدوان بشكل نهائي، وانسحاب الاحتلال وإدخال المساعدات"، مؤكدًا أنّ قطاع غزة لن يكون بإدارة الاحتلال وأعوانه مهما بلغت التضحيات، وقال: "صحيح أنّ استشهاد القائد "أبا حمزة"، ذلك الصوت الصادح بالحق والشجاعة من قلب المعركة، له وقعه، لكنّ حركتنا والمقاومة الفلسطينية عمومًا اعتادت على تقديم القادة، مشددًا على أنّ هذا كان دائمًا حافزًا للثأر وللاستمرار في المقاومة والوفاء للشهداء، حتى تحقيق الانتصار على كل أرض فلسطين.

الجبهة الديمقراطية

من جانبه، ‎قال عضو قيادة الجبهة الديمقراطية في لبنان عاطف خليل لـ"العهد": "إنّ المجزرة البشعة التي ارتكبها العدو الصهيوني في غزة، تأتي ضمن سياسة الإبادة الجماعية والتهجير القسري التي ينفّذها الاحتلال بدعم أميركي واضح، بهدف فرض مشاريع الضمّ والتهجير، وحسم الصراع عبر الاغتيالات والمجازر واجتياح المدن والمخيمات في الضفة، وتجديد الحرب على قطاع غزة المحاصر برًّا وبحرًا وجوًّا".

وشدّد خليل على أنّ هذه الجريمة تأتي في سياق محاولة فرض أمر واقع جديد، وإجبار المقاومة على القبول بخطة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والتي تُعتبر أنّها انقلاب على الاتفاقات ومحاولة لفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني.

ولفت إلى أنّ الاحتلال يبعث برسالة واضحة: "إمّا أن يُطلق سراح الجميع وفق شروطه، وإمّا أن يرى العالم جحيم المجازر بحق الفلسطينيين"، معتبرًا أنّ ما جرى هو نموذج لما ينتظر كل من يعارض المخطط الأميركي الصهيوني الرامي إلى تصفية القضية الفلسطينية.

كما ندد خليل بالدور الأميركي في هذه المجازر، مؤكدًا أنّ: "البوصلة الأميركية فقدت كل معايير الأخلاق والعدالة، وأثبتت شراكتها في جرائم الحرب بحقّ شعبنا".

ودعا خليل المجتمع الدولي والدول التي رعت اتفاق الهدنة إلى إلزام "إسرائيل" بوقف جرائم الحرب، وتنفيذ بنود الاتفاقات المبرمة كافة، لأنّ المجتمع الدولي مطالب باتّخاذ خطوات حازمة، كتنفيذ قرارات محكمة الجنايات ومحكمة العدل الدولية، وعزل "إسرائيل" باعتبارها تهديدًا مُباشرًا للسلم والأمن الدوليين.

لبنانحركة الجهاد الإسلاميالجبهة الشعبية لتحرير فلسطينالمخيمات الفلسطينية في لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد