آراء وتحليلات
هل تتحد جبهة المقاومة مع المحور الأوراسي في حرب وجودية واحدة؟
منذ سقوط الاتحاد السوفياتي السابق وتدشين النظام العالمي أحادي القطبية، وهناك محاولات عديدة لاستعادة التوازن الدولي وخلق تعددية قطبية، وتمثلت هذه المحاولات في تكتلات متناثرة ومحاور لمواجهة الهيمنة، كان أبرزها جبهة المقاومة التي تشكلت لمواجهة استحقاقين، أولهما مواجهة الهيمنة الأمريكية التي توحشت وانفردت بالعالم، وثانيهما تعويض خروج النظام الرسمي العربي من معادلة الصراع مع الصهاينة.
وقد تلاقت وتقاطعت هذه التكتلات على استحياء في التنسيق في ما بينها، ولم تصل لمرحلة التحالف الإستراتيجي، ربما بسبب التباعد الجغرافي مثل التعاون بين جبهة المقاومة والقوى التحررية في أمريكا اللاتينية وعلى رأسها فنزويلا، وربما بسبب أولويات كل تكتل وعدم نضوج أيديولوجية جامعة، تستطيع بلورة التقاطعات في حلف مشترك.
ولكن ومع صعود الصين إلى مرتبة القطب الاقتصادي العالمي، وتنامي القوة العسكرية الروسية وتشكيل معادلة ردع مع أميركا والناتو، ومع تطور معادلات جبهة المقاومة وتنامي قدراتها الصاروخية ودخول المسيرات كمتغير عسكري فارق في المعادلات العسكرية، اتسعت مجالات التنسيق الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي وتحديداً بين القوى التي صنفتها أميركا كتهديدات إستراتيجية في وثائق الأمن القومي الأمريكي، وفي مقدمتها إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية.
ومؤخراً صدرت تصنيفات حديثة تصف هذه الدول بأنها محور، يطلق عليه "المحور الأوراسي"، لتصبح التهديدات الموجهة للغرب الجماعي قادمة من محورين، وهما المحور الأوراسي "إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية"، ومحور المقاومة، والجامع المشترك بين المحورين هو وجود إيران التي تشكل تقاطعًا في غرب آسيا بما يشكل وجهًا أوراسيًا، وفي قلب الشرق الأوسط بما يشكل وجهًا مقاومًا ومعاديًا لدرة تاج المشروع الاستعماري الممثل بالكيان الصهيوني.
ومن هنا كان هذا التحريض الكبير على إيران باعتبار استهدافها وإسقاط نظامها الثوري بمثابة تفكيك وإضعاف للمحورين.
ولا شك أن محور المقاومة قد تلقى ضربة قوية بسقوط النظام السوري، ولكنها لا تشكل ضربة قاصمة بلحاظ وجود قوى مقاومة بالعراق واحتفاظ حزب الله بقدراته وبإرادة القتال، وبدخول اليمن المفاجئ إستراتيجياً على خط الملاحة الدولية واستهداف العمق الصهيوني، وكذلك إمكانية احياء المقاومة في سورية عبر شواهد عديدة يؤكدها الخطاب الإيراني الواثق من استعادة الوجه السوري المقاوم، وبالتالي فإن التحريض الصهيوني على إيران يتصاعد باعتبار إيران الراعي الأكبر للمحور وإسقاطها يعني خلخلة وتفكيك المحور والتحول التلقائي لجبهات أو جيوب متناثرة للمقاومة.
وعلى الجانب الآخر يستمر الاستنزاف لروسيا في أوكرانيا والوقوف معها على حافة الهاوية بسياسة خبيثة لا تستفزها للدخول في خيار نووي مدمر، ولا تتركها لتحقيق ما خرجت للحرب في سبيله وهو تأمين نطاقها الحيوي.
كما يستمر الحصار على كوريا الشمالية، ومحاولات التضييق التجاري على الصين وإشغالها عسكرياً بقضية تايوان، حتى تدخل في سباق للتسلح يستنزف مواردها الاقتصادية.
ولا تشبع مراكز الفكر الإستراتيجي الأمريكية والصهيونية من نشر التقارير حول التنسيق العسكري بين محور المقاومة والمحور الأوراسي، وبمعزل عن دقة ومصداقية ما تنشره تلك المراكز من تبادل للخبرات ومساعدات على مستوى الصواريخ والمسيرات والتكنولوجيا النووية، فإن هناك حقائق معلنة عن تعاون إستراتيجي بين روسيا وإيران، وبين الصين وروسيا، وبين إيران والصين، وكذلك تعاون عسكري بين كوريا الشمالية وروسيا في أوكرانيا، يصل إلى مشاركة جنود كوريين في الجبهات ضد أوكرانيا.
وقد صدرت توصيات بتشكيل تحالف دولي لمواجهة المحورين، باعتبارهما تهديداً واحداً للغرب الجماعي، وقد كانت أبرز التوصيات صراحة، توصية صهيونية، جاءت بمقال في معهد واشنطن للعميد الإسرائيلي المتقاعد، أساف أوريون، والذي طالب بمعالجة التحدي العالمي المزدوج المتمثل في المحورين باعتبارهما نظاماً إستراتيجياً شاملاً، وليس كمجموعتين من المشاكل المنفصلة المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا، والشرق الأوسط، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، وطالب بأن تشمل الجهود المبذولة للتصدي للتهديدات إجراءات دبلوماسية وإعلامية وعسكرية واقتصادية.
وهذه التوصية ليست توصية فردية، وإنما تلخص توصيات الخبراء الإستراتيجيين في أميركا والكيان، وتتخطى ذلك إلى تصريحات وإجراءات سياسية عند رصد تصريحات نتنياهو وترامب، والتقارير والتسريبات حول مطالب نتنياهو من ترامب.
فقد أوردت صحيفة "إسرائيل هيوم" الصهيونية في تقرير لها مطالب الكيان من الرئيس الأمريكي الجديد وقالت نصاً: " ترامب الذي انسحب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو العام 2018، يدرك جيداً الأخطار التي تشكلها طهران، وتتراوح احتمالات توجهاته بين فرض عقوبات متطرفة وبين تعاون الجيشين الإسرائيلي والأميركي على مستويات مختلفة وبين تشكيل تحالف دولي واسع ضد طهران.
وفي هذا الصدد، فإن المطروح على المحورين مزيد من تعميق التعاون والتعاطي كمحور واحد يواجه حرباً وجودية، والتغلب على العديد من المعوقات التي عطلت التنسيق ويمكن ذكر أكبر مثالين من هذه العراقيل:
1- التمايز الأيدلوجي، حيث يتبنى محور المقاومة عقيدة نقية وواضحة، لا تفصل بين الهيمنة الأمريكية والمشروع الصهيوني، والذي يشكل رأس الحربة لهذه الهيمنة، بينما المحور الآخر يعترف بالكيان وله بعض التعاون والمصالح معه باستثناء كوريا الشمالية.
2- الفزاعات الدولية التي تحاول حشر دول المحورين في زاوية الدول المارقة والديكتاتورية، واستخدام سلاح العقوبات كسيف على رقبة التنمية الاقتصادية، وبالتالي تضع دول المحورين دوماً في خانة الدفاع والتنصل من التنسيق وتوحيد المواقف، بينما كشفت حرب الإبادة الصهيونية وعجز القانون الدولي والدعم الأمريكي والغربي لجرائم الحرب بطلان هذه الفزاعة، ومن المفترض أن تفتح الباب على مزيد من الإعلان عن التنسيق في مواجهة أميركا والصهاينة دون مواءمات سياسية خشية العزلة والحصار، بل الانتقال لخانة الهجوم واتهام الخصوم وتجريدهم من سلاح الدعاية الكاذبة.
ربما في سياق الاستعداد لشن حرب شاملة دبلوماسية ودعائية واقتصادية وربما عسكرية على المحورين باعتبارهما تهديداً إستراتيجياً واحداً وليس تهديدات منفصلة، يجدر اغن تتعاون هذه الدول بمستوى هذا الاستهداف وأن تنسق جهودها كمحور واحد يتعاطى بايدلوجية المقاومة للهيمنة وأدواتها وعلى رأسها الكيان الصهيوني، وعند التزام هذه السياسة الواضحة فإن معادلات ردع الغرب الجماعي ستكون أكثر قوة ونجاحًا في المواجهة.
روسياالصينكوريا الشماليةمحور المقاومةايرانجبهة المقاومة
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
11/03/2025
ملامح الخطط الأمريكية الشيطانية للبنان
11/03/2025
غزة بين الجحيم والتهديد والحيل
10/03/2025
الساحل السوري: خطاب التكفير يقود الى إبادة
التغطية الإخبارية
لبنان| وزير الخارجية من قصر بعبدا: وزراء أكدوا بعد انتهاء جلسة الحكومة أنه لم يتطرقوا الى مسألة التطبيع مع العدو
لبنان| وزير الخارجية من قصر بعبدا: لم يعترض أحد على التعيينات في جلسة الحكومة ولم يجرِ التصويت
لبنان| وزير الإعلام: تعيين العميد رائد عبد الله مديرًا عامًا لقوى الأمن الداخلي وترقيته لرتبة لواء
لبنان| وزير الإعلام: تعيين العميد حسن شقير مديرًا عامًا للأمن العام وترقيته لرتبة لواء
لبنان| وزير الإعلام: مجلس الوزراء أقرّ خفض بعض الرسوم الواردة في موازنة 2025 بناءً على اقتراح وزارة المال
مقالات مرتبطة
محادثات أميركية - أوكرانية في جدة لوقف الحرب مع روسيا

إثر هجوم ضخم شنّته أوكرانيا.. روسيا تُدمّر 337 مسيّرة أوكرانية في موسكو ومقاطعتها

انطلاق مناورات "حزام الأمن البحري" بين روسيا وإيران والصين غدًا شمال المحيط الهندي

3 بلدات في كورسك في قبضة القوات الروسية

هل تنتهي الحرب في أوكرانيا قريباً؟ وكيف تم ربطها بملفات الشرق الأوسط؟

إيران تحتضن مناورات بحرية مشتركة مع الصين وروسيا

ترامب يرفع الرسوم الجمركية على الصين وبكين تردّ بالمثل

كاتب بريطاني: سياسات ترامب قد تعزّز الروابط بين أوروبا والصين

سياسة ترامب قد تعزز تحالفات الصين وروسيا

الزعيم الكوري الشمالي يدعو إلى تعزيز ترسانة بلاده النووية

كوريا الشمالية تختبر إطلاق أحدث صاروخ باليستي فرط صوتي

كوريا الديمقراطية تتبنى إستراتيجية "أكثر صرامة" تجاه الولايات المتحدة

جيش كوريا الشمالية يضع المدفعية عند الحدود في حال التأهب القصوى

كيم جونغ أون: كوريا الشمالية ستوسّع التعاون مع روسيا

إيران تؤكد دعمها لمحور المقاومة...وتنصح إدارة ترامب بعدم جدوى تكثيف الضغوط عليها

بطولات المقاومة في لبنان وغزّة و"البريكس" محور اهتمام الصحف الإيرانية

النتائج التكتيكية والاستراتيجية للهجوم الصاروخي الإيراني

الحرب الصهيونية على لبنان محور اهتمام الصحف الإيرانية

الشيخ البغدادي: جبهات الإسناد ستبقى رافعة أساسية لجبهة فلسطين

لبنان لن يكون "إسرائيليًا"...

العراق والثورة الإسلامية في إيران.. من الصدام الى الانسجام

بزشكيان: الدول الإسلامية بإمكانها إعادة بناء غزّة

أماني جال في النبطية مطلعًا على عمل اللجان الشعبية الإيرانية بإعادة الترميم

عراقتشي: بدماء الشهيد نصر الله سيصبح حزب الله أقوى وأكثر إثمارًا

أمين عام المؤتمر العام للأحزاب العربية لـ"العهد": المقاومة أقوى من أي وقت مضى

عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد الفرح لـ"العهد": لا عروبة من دون غزة

هل يرضخ العدو لوقف إطلاق النار بسبب فشل دفاعاته الجوية؟
