إنا على العهد

آراء وتحليلات

سقوط النظام في سورية وحساب أولي للربح والخسارة
01/01/2025

سقوط النظام في سورية وحساب أولي للربح والخسارة

ثلاثة أسابيع مرت على الزلزال الذي ضرب سورية والذي تمثل بانهيار النظام فيها على يد "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة المصنفة دوليًا منظمة إرهابية) المدعومة من تركيا بالتنسيق مع "الموساد" "الإسرائيلي" والاستخبارات الأميركية والبريطانية والفرنسية. هذا الزلزال أدى الى سقوط إحدى الدعامات الرئيسية لمحور المقاومة، ما جعل سورية تفقد دورها الإقليمي الريادي في المنطقة ليعتبر محور المقاومة وعلى رأسه إيران وحزب الله الخاسرَين الأبرزين مما جرى، بينما اعتبرت روسيا الخاسر الآخر من فقدان حليف رئيسي في شرق المتوسط. 

لكن المراقب للأحداث عليه التريث في تحديد مدى خسارة المحور وقدرته على تعويض هذه الخسارة. فالمعروف أن نظام الرئيس بشار الأسد كان قد بدأ يأخذ مسافة مع كل من إيران وحزب الله منذ عدة سنوات لصالح التقارب مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وانعكس ذلك تقييدًا لحركة شباب المقاومة في سورية ورفضًا لتفعيل جبهة الجولان في مواجهة "إسرائيل" خلال عملية "طوفان الأقصى"، عدا عن مطالبة دمشق بإغلاق مكاتب أنصار الله (الحوثيين) إرضاء لأبو ظبي والرياض. على الرغم من ذلك فإنه يجب الاعتراف للرئيس بشار الأسد بأنه واصل مد المقاومة بالصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى لمواصلة استهداف العمق الصهيوني. 

في المقابل تبدو "إسرائيل" هي الرابح الأبرز مما جرى في سورية لجهة ضربها الدور الإقليمي لسورية، خصوصًا في منطقة المشرق التي تريدها "تل أبيب" مجالاً لنفوذها. كذلك فإن الولايات المتحدة تعتبر رابحًا في ما جرى إذ إنها أزاحت من دربها قوة وقفت في مواجهة مشاريعها على مدى العقود الخمسة الماضية، كما أنها أطاحت بحليف موثوق لإيران في المنطقة، شكل أبرز حلفائها على مدى العقود الخمسة الماضية، عدا عن إطاحتها بأقرب حليف لروسيا في المنطقة العربية على مدى العقود الخمسة الماضية. 

في هذا الإطار تبرز تركيا كواحد من بين الرابحين مما جرى. فبعد 13 عامًا على دعمها الجماعات المسلحة يبدو أنها تمكنت أخيرًا من خداع طهران وموسكو وإسقاط نظام الأسد واستبداله بنظام إسلامي يتماهى مع الإخوان المسلمين الحاكمين في أنقرة تحت مظلة الخليفة العثماني الجديد رجب طيب أردوغان. لكن قد يتبين للرئيس التركي المنتشي بانتصاره بأن جائزته ستكون ملغمة بما قد يفجر سورية ومعها تركيا. فأول ألغام هذه الجائزة هو الفتنة السنية العلوية التي ما لبثت أن اندلعت عقب سقوط نظام الأسد والتي تمثلت بحملة التنكيل التي تقوم بها الجماعات المسلحة التي سيطرت على الحكم في دمشق بحق العلويين في منطقة الساحل السوري. ومن شأن هذه الفتنة أن تمتد إلى تركيا، حيث يوجد 15 مليون علوي متمركزين في منطقة كيليكيا وشرق جبال طوروس وأرضروم. 

هذا اللغم يضاف إلى لغم أخطر منه يتمثل في الأكراد السوريين الذين يسيطرون على منطقة شرق الفرات بدعم من الولايات المتحدة الأميركية. وتجدر الإشارة إلى أن المعارك تدور حاليًا بين الجماعات الكردية المنضوية تحت لواء قوات سورية الديمقراطية "قسد" في مناطق منبج وشرق حلب والحسكة، وبين الجماعات المسلحة بمشاركة تركية. ويمكن لهذه المعارك أن تمتد إلى جبال قنديل في العراق حيث تقوم القوات التركية بشن ضربات ضد قوات حزب "العمال الكردستاني"، كما يمكن لها أن تمتد إلى داخل تركيا، خصوصًا أن أكراد سورية جميعهم ممن تهجروا على مدى القرن الفائت من تركيا، علمًا أنه يوجد في تركيا نحو عشرين مليون كردي يتمركزون في شرق البلاد. 

من هنا فإن ما قام به أردوغان بزعزعة الاستقرار في سورية وإسقاط النظام فيها فتح المجال أمام الحديث عن تقسيمها، وهو ما يمكن أن يرتد على تركيا نفسها التي قد تجد نفسها ضحية ما جنته على جارتها الجنوبية.

سورياتركياايران

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
فنانو سورية خرجوا عن صمتهم.. رسالة غضب وتنديد ومطالبة بمحاسبة القتلة
فنانو سورية خرجوا عن صمتهم.. رسالة غضب وتنديد ومطالبة بمحاسبة القتلة
بالأرقام| هربًا من المجازر.. موجات نزوح واسعة من الساحل السوري إلى لبنان
بالأرقام| هربًا من المجازر.. موجات نزوح واسعة من الساحل السوري إلى لبنان
شهادات صادمة عمّا حدث في الساحل السوري.. إعدامات ميدانية ومعركة تطهير
شهادات صادمة عمّا حدث في الساحل السوري.. إعدامات ميدانية ومعركة تطهير
«الجزيرة» لم ترتوِ من الدم السوري
«الجزيرة» لم ترتوِ من الدم السوري
"إسرائيل" تلعب في الصحن الدرزي في سوريا ولبنان
"إسرائيل" تلعب في الصحن الدرزي في سوريا ولبنان
عراقتشي: على الحكام الجدد في سورية حماية جميع فئات الشعب السوري
عراقتشي: على الحكام الجدد في سورية حماية جميع فئات الشعب السوري
بعد قرار أوجلان حل حزبه.. تركيا ترفع وتيرة عملياتها العسكرية داخل العراق
بعد قرار أوجلان حل حزبه.. تركيا ترفع وتيرة عملياتها العسكرية داخل العراق
هل تنسحب تركيا من العراق بعد حلّ حزب العمال؟
هل تنسحب تركيا من العراق بعد حلّ حزب العمال؟
بقائي ردًّا على تصريحات وزير الخارجية التركي ضد إيران: نحن راسخون في مواقفنا 
بقائي ردًّا على تصريحات وزير الخارجية التركي ضد إيران: نحن راسخون في مواقفنا 
إثر سقوط سورية... هل باتت المنطقة تحت النفوذ الصهيوني- التركي؟
إثر سقوط سورية... هل باتت المنطقة تحت النفوذ الصهيوني- التركي؟
انطلاق مناورات "حزام الأمن البحري" بين روسيا وإيران والصين غدًا شمال المحيط الهندي
انطلاق مناورات "حزام الأمن البحري" بين روسيا وإيران والصين غدًا شمال المحيط الهندي
لبنان لن يكون "إسرائيليًا"...
لبنان لن يكون "إسرائيليًا"...
العراق والثورة الإسلامية في إيران.. من الصدام الى الانسجام
العراق والثورة الإسلامية في إيران.. من الصدام الى الانسجام
بزشكيان: الدول الإسلامية بإمكانها إعادة بناء غزّة
بزشكيان: الدول الإسلامية بإمكانها إعادة بناء غزّة
أماني جال في النبطية مطلعًا على عمل اللجان الشعبية الإيرانية بإعادة الترميم
أماني جال في النبطية مطلعًا على عمل اللجان الشعبية الإيرانية بإعادة الترميم

خبر عاجل