إنا على العهد

آراء وتحليلات

هل يرضخ العدو لوقف إطلاق النار بسبب فشل دفاعاته الجوية؟
17/10/2024

هل يرضخ العدو لوقف إطلاق النار بسبب فشل دفاعاته الجوية؟

حتى الآن، يتهرب العدو "الإسرائيلي" من القبول بوقف إطلاق النار ويرفض كل محاولات وطلبات أغلبية الأطراف الخارجية للسير بذلك، مع وجود شكوك كبيرة في موقف واشنطن من ذلك، بينما يطلبه حزب الله شرطًا أساسيًا وإجباريًا قبل البحث بأي أمر آخر.

كما في الوقت الذي ترى المقاومة وقف إطلاق النار مدخلاً أساسيًا وإجباريًا للبحث بأي موضوع، ضمنًا تطبيق القرار ١٧٠١، يبقى الأكيد أن سبب تهرب العدو من القبول به في هذه المرحلة من المواجهة، هو أنه يرى نفسه منهزومًا لو توقفت الأعمال القتالية الآن، بالرغم مما يرتكبه من مجازر ومن تدمير ومع فرضه النزوح الواسع والقاسي، فاقت تداعياته تداعيات تلك المجازر والارتكابات الإجرامية بحق أغلب الشعب اللبناني. 

لذلك السؤال: ما هي الأسباب الميدانية والعسكرية الضاغطة فعليًا على العدو، والتي تجعله يرفض وقف إطلاق النار المؤدي إلى تطبيق القرار ١٧٠١، والذي طالما طالب بتطبيقه خاصة في الشق المتعلق بانتشار أسلحة حزب الله وعناصره؟، وهل يمكن أن يطرأ أي أمر يدفع العدو للتراجع والقبول بوقف إطلاق النار؟. 

في هذا الصدد، يمكن الإضاءة على التطورات الميدانية والعسكرية التي فرضتها المواجهة مؤخرًا بين المقاومة والعدو، والتي يمكن تلخيصها على الشكل الآتي: 

1.    ميدانيًا، حتى الآن، يفشل العدو في تحقيق أي خرق بري جدي له قيمة ميدانية تذكر، على صعيد عمليته البرية المزعومة للدخول إلى الأراضي اللبنانية، ونجاحه في التوغل المحدود داخل بعض النقاط  الحدودية، خلقت للمقاومة فرصًا ثمينة في استغلال تلك النقاط مناطقَ قتل لاستهداف عناصره بطريقة فعالة، وتاليًا لإسقاط أعداد كبيرة منهم بين قتلى وجرحى.

2.    عمليًا، لم يقدم هذا التوغل المحدود لوحدات العدو أي قيمة ميدانية للتأسيس للتقدم الفعلي أكثر، في العمق اللبناني، كونه لم يستطع في هذه التوغلات المحدودة، الإمساك بأي محور مناسب لتوسيع عملياته الهجومية.

هذا التعثر الميداني للعدو، لم تقتصر تداعياته فقط بسبب فشل عملياته الحربية أو بسبب سقوط عدد كبير من جنوده. ومعروف تاريخيًا أن الخسائر البشرية هي نقطة شبه قاتلة للعدو ولبيئته الإجتماعية، ولكن امتدت تداعيات هذا التعثر الميداني إلى إبقاء المنطقة البرية من جنوب لبنان، والتي هي عمليًا المنطقة الحاضنة لقواعد إطلاق صواريخ ومسيرات المقاومة، بقيت آمنة. وهذا سمح ذلك للاخيرة بفرض مناورة استهداف صاروخي ومسيّرات فعالة وكاسحة، لتكون نتيجة ذلك كارثية في شمال الكيان وامتدادًا حتى وسطه في محيط "تل أبيب". وبدل أن ينجح العدو في تحقيق أهدافه لإعادة مستوطني الشمال وحمايتهم، توسّع شعاع ضغط حزب الله في عمق الكيان، وأصبحت منطقتي الشمال والوسط شبه مهجرة، وانتقلت الحياة فيها إلى الملاجىء، والتي هي كما يبدو، غير متوفرة لجميع المستوطنين الذين يناهز عددهم أكثر من نصف مستوطني الكيان.  

كما في الوقت الذي كان العدو يعاني بما يفرضه توسع سيطرة حزب الله الصاروخية والمسيّرة على قسم كبير من جغرافية الكيان وتوسع منطقة التأثير السلبي على المستوطنات والمستوطنين، جاءت الضربة الحاسمة من مسيّرة حزب الله لمركز تجمّع وحدات لواء غولاني في "بنيامينا" جنوب حيفا، والبعيدة نحو ٧٠ كلم عن الحدود مع لبنان، لتفتح الباب واسعًا أمام معضلة قاتلة وهي : عجز الدفاع الجوي عن تغطية وحماية أجواء الكيان كلها، والمترافق مع هذا العجز تطور لافت، كمًا ونوعًا،  لقدرات حزب الله في الصواريخ والمسيّرات.

في هذا الصدد؛ ازدياد مستوى الضغوط على الكيان في هذا المجال وعجز دفاعه الجوي أمام قدرات حزب الله؛ ومع تقدم الحديث عن تحضيرات إيرانية غير مسبوقة للرد الجاهز والمدروس على أي اعتداء "إسرائيلي" ضدها، مهما كانت أهدافه، ومع وجود معطيات جدية عن التقصير المرتقب لمنظومة "ثاد" الأميركية ( واحدة فقط )، والتي أدخلت موخرًا وعلى وجه السرعة لدعم مناورة الدفاع الجوي "الإسرائيلية"، حيث سيكون هذا التقصير شبه مؤكد بمواجهة الصواريخ الباليستية الإيرانية الفرط صوتية، وعلى الأقل سيكون هذا التقصير أيضًا ضد المسيرات التي تنجح عادة في تجاوز هذا النوع من المنظومات، والمخصصة فقط للتعامل ضد الصواريخ الباليستية البعيدة المدى...

لذلك، أصبح واضحًا أن الضغط على "إسرائيل" وصل إلى مستوى غير مسبوق، ولا يبدو أنها قادرة على مواجهته في ظل ما تعانيه أصلاً على خلفية معركة "طوفان الأقصى"، الأمر الذي يمكن أن يفتح الباب جديًا على إمكان جنوحها - رغمًا عنها -  نحو القبول بوقف إطلاق النار والبحث بتسوية معينة، لن تكون إلّا مناسبة ومقبولة من لبنان ومن المقاومة. 


 

الدفاع الجويالجيش الاسرائيليايرانجبهة المقاومة

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
بدء مناورات "الاقتدار للدفاع الجوي" غرب وشمال إيران
بدء مناورات "الاقتدار للدفاع الجوي" غرب وشمال إيران
منظومة "9 دي" تدمر قنبلة خارقة للتحصينات خلال مناورات نطنز
منظومة "9 دي" تدمر قنبلة خارقة للتحصينات خلال مناورات نطنز
منظومة "ثاد" الأميركية.. إقرار بنجاح المقاومة في معركة السماء
منظومة "ثاد" الأميركية.. إقرار بنجاح المقاومة في معركة السماء
مفاجأة حزب الله للعدو ... صواريخ قادرة على إسقاط طائراته!
مفاجأة حزب الله للعدو ... صواريخ قادرة على إسقاط طائراته!
"الناتو" يتأهّب لأكبر مناورات جوية في تاريخه
"الناتو" يتأهّب لأكبر مناورات جوية في تاريخه
مجددًا.. جرائم الحرب تلاحق "إسرائيل" دوليًا
مجددًا.. جرائم الحرب تلاحق "إسرائيل" دوليًا
"اتفاق قسد مع الشرع"... هل دعمته "إسرائيل" طمعًا بالتطبيع؟
"اتفاق قسد مع الشرع"... هل دعمته "إسرائيل" طمعًا بالتطبيع؟
تقديرات "إسرائيلية": الجيش لن ينفّذ عملية برية جديدة في غزة‎
تقديرات "إسرائيلية": الجيش لن ينفّذ عملية برية جديدة في غزة‎
العرب بعد قمة القاهرة.. إلى أين؟
العرب بعد قمة القاهرة.. إلى أين؟
جنوبيات الحدود: على العهد وخيارنا التمسك بالأرض.. وسنقاوم
جنوبيات الحدود: على العهد وخيارنا التمسك بالأرض.. وسنقاوم
انطلاق مناورات "حزام الأمن البحري" بين روسيا وإيران والصين غدًا شمال المحيط الهندي
انطلاق مناورات "حزام الأمن البحري" بين روسيا وإيران والصين غدًا شمال المحيط الهندي
لبنان لن يكون "إسرائيليًا"...
لبنان لن يكون "إسرائيليًا"...
العراق والثورة الإسلامية في إيران.. من الصدام الى الانسجام
العراق والثورة الإسلامية في إيران.. من الصدام الى الانسجام
بزشكيان: الدول الإسلامية بإمكانها إعادة بناء غزّة
بزشكيان: الدول الإسلامية بإمكانها إعادة بناء غزّة
أماني جال في النبطية مطلعًا على عمل اللجان الشعبية الإيرانية بإعادة الترميم
أماني جال في النبطية مطلعًا على عمل اللجان الشعبية الإيرانية بإعادة الترميم
هل تتحد جبهة المقاومة مع المحور الأوراسي في حرب وجودية واحدة؟
هل تتحد جبهة المقاومة مع المحور الأوراسي في حرب وجودية واحدة؟
عراقتشي: بدماء الشهيد نصر الله سيصبح حزب الله أقوى وأكثر إثمارًا
عراقتشي: بدماء الشهيد نصر الله سيصبح حزب الله أقوى وأكثر إثمارًا
أمين عام المؤتمر العام للأحزاب العربية لـ"العهد": المقاومة أقوى من أي وقت مضى
أمين عام المؤتمر العام للأحزاب العربية لـ"العهد": المقاومة أقوى من أي وقت مضى
عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد الفرح لـ"العهد": لا عروبة من دون غزة
عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد الفرح لـ"العهد": لا عروبة من دون غزة