نقاط على الحروف
"سحب السلاح" وخروقات العدو.. "القوات" تُغرّد مجددًا خارج سرب الدولة
لا يتكبّد المتابع للشأن السياسي عناء ليتوقّع الملف الأساسي لأجندة وزراء القوات اللبنانية في جلسة مجلس الوزراء المقبلة. قبيل أي جلسة للحكومة، يتفق هؤلاء على كلمة سرّ واحدة وطرح موحّد لإثارته داخل الجلسة. ليس مهمًّا كل ما عداه، حتى ولو كانت الخروقات "الإسرائيلية" باتت بالآلاف. بالنسبة إليهم، يُشكّل "نزع سلاح المقاومة" حلمًا دفينًا كان مستحيلًا، وبات اليوم مادة للنقاش. يدخل وزراء معراب إلى قاعة مجلس الوزراء، واضعين "سحب السلاح" بندًا أول على أجندتهم الوزارية. يتحيّنون الفرصة المناسبة للحديث عن هذه المعزوفة. هم لا يناقشون واقع الخروقات "الإسرائيلية" ومسار تطبيق القرار 1701، بل يُصرون على مطالبة رئيس الجمهورية بجدول زمني. حماستهم للموضوع تدفعهم للمطالبة بتاريخ يحقّقون فيه حلمهم، ربما ليُحوّقوا اليوم والشهر لهذا الحدث الموعود في روزنامتهم الخاصة.
وعلى وقع "هدير" الطائرات المسيّرة التي انتهكت أجواء القصر الجمهوري أمس الخميس، طالب وزراء القوات بجدول زمني لتسليم سلاح حزب الله ضمن مهلة ستة أشهر. لم يستح هؤلاء من "هدير" الطائرات المعادية، فيدفعهم خجلهم للتريث. لم يستح هؤلاء من الشرح المفصّل والواضح والواقعي الذي قدّمه قائد الجيش العماد رودولف هيكل لجهة الخروقات "الإسرائيلية". ذلك الشرح الذي قدّم فيه قائد الجيش عرضًا بالأرقام والخرائط والبيانات حول تطبيق القرار 1701، وتنصُّل الاحتلال من تطبيق القرار. وفق هيكل، ثمة 2940 خرقًا "إسرائيليًا"، 190 شهيدًا، و485 جريحًا منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ. حزب الله متعاون جدًا، قال قائد الجيش، ووحدها "إسرائيل" هي من تعرقل عمل الجيش ومهماته وتذهب بعيدًا في اعتداءاتها.
تحدّث قائد الجيش بلغة الواثق، عن تنفيذ الجيش مهمات وصلت إلى نسبة ٩٠ في المئة في جنوب الليطاني، لتبقى الـ10 في المئة متعذّرة عن التنفيذ جراء الخروقات "الإسرائيلية". كما أشير داخل الجلسة إلى إنجاز الجيش لأكثر من ٥٠٠٠ مهمة في جنوب الليطاني بالتعاون مع اليونيفيل ومن بينها ٢٥٠٠ بشكل منفرد. قدّم هيكل ملفه المُحكم في سياق متسلسل لا يدع مجالًا للالتباس، في عرض رسمي يعبّر عن رؤية الدولة والمؤسسة العسكرية لمسار الوضع في الجنوب وتطبيق القرار 1701.
كل ما سبق من عرض واقعي ومنطقي لم يُخجل وزراء القوات أو يُسكتهم لتأجيل طرحهم بعض الوقت بناء على المعطيات الدقيقة. ولأنّ الحقد على سلاح حزب الله أعمى، سارعوا بلا أي منطق أو حجج ومن خارج السياق إلى الإلحاج على جدول زمني. المطلوب برأيهم التعهد بأن سلاح حزب الله سيُنزع خلال مهلة أقصاها تشرين الأول المقبل، بغض النظر انسحبت "إسرائيل" من التلال الخمس أم لم تنسحب. بغض النظر نفّذت القرار 1701 أم وسّعت من خروقاتها وكثفتها، بغض النظر...، وبغض النظر... وكأنهم بعيدون كل البعد عما يحصل من خروقات واعتداءات يومية. يصمون آذانهم، ويغمضون أعينهم عن ذلك، فلا نسمع إدانة واحدة للخروقات "الإسرائيلية" التي تزداد يومًا بعد يوم، بينما يتملقون ويلبسون ثوب السيادة المزّيفة، لتبدو الحمية والغيرة لأجندة الخارج في أقصى درجاتها لدى الحديث عن سلاح المقاومة الذي حمى وحرّر وأرسى معادلة ردع استمرّت لسنوات طويلة.
لكنّ منطق القوات العشوائي والشعبوي اصطدم في جلسة أمس بمنطق الدولة الذي عبّر عنه جليًا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وإلى جانبه قائد الجيش. طالب وزراء معراب بجدول زمني محاولين إحراج الرئيس عون ووضعه أمام ما يعتبرونه أمرًا واقعًا، لكنّ رئيس الجمهورية تخطّى الطرح القواتي وقفز عنه كأن شيئًا لم يُقَل، فبُهت من طرح، مع أنها ليست المرة الأولى. سبق وأن تكرّر المشهد، ففي جلسة سابقة، طالب وزير قواتي خلال جلسة عقدت في قصر بعبدا بدعوة رئيس الجمهورية مجلس الدفاع الأعلى للاجتماع لوضع جدول زمني لجمع السلاح، فتلقى في حينها جوابًا قويًا من رئيس الجمهورية الذي يقارب ملف السلاح بواقعية وحكمة، بعيدًا عن العراضات، قال له رئيس الجمهورية ؛ أولًا أنا من يطالب بدعوة المجلس الأعلى للدفاع، وثانيًا؛ ظننت أنك ستطالب بدعوة المجلس الأعلى للدفاع لمناقشة الخروقات "الإسرائيلية" لا لسحب السلاح"، وفق بعض التسريبات.
إذًا، يُدير رئيس الجمهورية ومعه قائد الجيش الملف بواقعية وحكمة ومسؤولية وطنية بعيدًا عن سياسة التهور والعراضات والعشوائية والغوغائية والمزايدات الإعلامية والسياسية التي تحاول "القوات" إرساءها، لتغرّد مجددًا خارج سرب الدولة والمؤسسات، ليكون كل ما تنطق به بعيدًا عن الواقع والمنطق، وكل ما تطالب به وتسعى إليه سراب وأضغاث أحلام ليس إلا.
القوات اللبنانيةالحكومة اللبنانيةجوزاف عون
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
17/04/2025
مصادر إعلام العدو صحافيون من لبنان والخليج!
التغطية الإخبارية
لبنان| مدفعية العدو "الإسرائيلي" تستهدف أطراف بلدة شبعا
لبنان| طيران العدو المُسيّر استهدف آلية "بيك اب" في بلدة الحنية
وزارة الصحة بغزة: ارتفاع حصيلة العدوان "الإسرائيلي" إلى 51266 شهيدًا و116991 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023
وزارة الصحة بغزة: 26 شهيدًا و60 إصابة جراء العدوان "الإسرائيلي" خلال الـ24 ساعة الماضية
لبنان| مُسيَّرة "إسرائيلية" تخرق الأجواء اللبنانية وتحلق فوق صور وبلدات القضاء
مقالات مرتبطة

مراهقة قواتية في مجلس الوزراء والرئيس عون يتصدى: ماذا عن النقاط الخمس المحتلة؟

بالأرقام والمحطات.. مقارنة بين سلاح المقاومة وسلاح المطالبين بسحبه

"نداء الفتنة".. إعلام موجّه لخدمة الأعداء

«القوات» والسلطة: العلاقة المستحيلة!

لماذا تسعى القوات للعبث بالاستقرار وإسقاط الدولة؟

جلسة بعبدا.. تهميش المطالبات بجدول زمني لـ "سحب السلاح"

مرقص بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء: الاعتداءات "الإسرائيلية" المتكرّرة تؤخر انتشار الجيش

سلاح المقاومة بينَ طاولتَي الحوار والحكومة

إقرار مشروع إعادة هيكلة تنظيم القطاع المصرفي.. ماذا في حيثياته؟

رئيس الجمهورية بعد الخلوة مع الراعي: موضوع السلاح لا يُقارب على الإعلام بل بالتواصل بطريقة مسؤولة

الرئيس عون هاتف السوداني: تأكيد على متانة العلاقات بين البلدين بعيدًا عن كل ما يؤثر على عمقها
