الانتخابات البلدية والاختيارية 2025

نقاط على الحروف

التفاحة تُقسم إلى قسمين في مرفأ بيروت.. فكيف تُهرّب الأسلحة؟
16/04/2025

التفاحة تُقسم إلى قسمين في مرفأ بيروت.. فكيف تُهرّب الأسلحة؟

مرفأ بيروت.. "مغارة" حزب الله المفتوحة/ بالوثائق.. "الحدث" تكشف تورط حزب الله بشراء نترات الأمونيوم/ بعد خسارته طرق الإمداد برًا.. حزب الله يسيطر على مرفأ بيروت/ ماذا يجري في مرفأ بيروت وما علاقة حزب الله؟/ حزب الله يستغل ميناء بيروت/ "مرفأ بيروت" المتنفس الجديد.. حزب الله يُعيد ترتيب أوراقه/ مرفأ بيروت "ضحية" حزب الله مجددًا. مصدر أمني لـ "العربية" و"الحدث": حزب الله يستغل ميناء بيروت. 

ليست العناوين المُدرجة أعلاه يتيمة، بل هي عيّنة من "تشكيلة" واسعة من العناوين والمانشيتات التي تلجأ وسائل إعلام عربية ومحلية إلى تلفيقها لتوجيه الاتهام لحزب الله بتعريض مرفأ بيروت للخطر، مستعينين بمفردات من حقل معجمي واسع مثال "جيبات سوداء"، "صواريخ وشاحنات لحزب الله في المرفأ"، وما هبّ ودبّ من مصطلحات تُبيّن أنّ ثمّة غرفة عمليات واحدة توعز إلى القنوات والأقلام المأجورة بنسج ما يحلو لها من تفاصيل ومعلومات من بنات أفكارها، تحت عنوان عريض "سيطرة حزب الله على مرفأ بيروت لتهريب الأسلحة". التلفيقة التي سبقها تلفيقات موازية حول مطار بيروت الدولي شرعت بها صحيفة "التلغراف" البريطانية قبل أشهر، وأعيد الحديث عنها قبل مدة وجيزة، وتلفيقة موازية حول مرفأ طرابلس قبل أيام. كل ذلك في سياق خبيث لضرب مرافق لبنان الحيوية، وإلصاق التهمة بحزب الله، وتدمير ما تبقى من اقتصاد، وإضعاف الاستثمارات، وإعطاء الذريعة لـ"إسرائيل" لضرب المطار والمرافئ، وشرايين هذا البلد الحيوية. 

وإذا كانت معزوفة مرفأ بيروت القديمة الجديدة تُشكّل طبقًا رئيسيًا يكاد يكون يوميًا، يعمل المروّجون للأكاذيب على تنويع المعلومات وإرفاقها بأرقام ومسميات في سبيل جعلها أقرب للتصديق، رغم أنهم وفي سياق مقاربتهم يُكذّبون الكذبة ويصدقونها، يعرفون المعلومة ويحرفونها، وجديدهم ما روّجت له قبل أيام قناة "الحدث" ومعها MTV، وبعض الأقلام المأجورة من أنّ "فيلق القدس الإيراني سيعتمد عبر الوحدتين 190 التي يقودها بهنام شهرياري و700 التي يقودها "غل فرست"، وفق ما ذكروا حرفيًا، زاعمين أنّه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، فتح فيلق القدس طريقًا بحريًا سريعًا لنقل الأسلحة بين الساحات دون الاعتماد على سورية، وأنّ حزب الله يتصرف في مرفأ بيروت بحرية تامة بإشراف مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا الذي يُهرّب ما يريد دون تفتيش أو حتى رقابة، فيعرّض مصالح الدولة للخطر ويُهدد الاستثمارات الأجنبية.

ولكي لا نذهب بعيدًا في الحديث عن أشكال الشائعات التي تُبثّ على الدوام وتداعياتها، والتي قد لا يتسع المقال لذكرها، من المفيد طرح سؤال جوهري وأساسي، لنُسلّم جدلًا أنّ حزب الله أراد فعلًا تهريب الأسلحة عبر مرفأ بيروت، هل من إمكانية لذلك؟ 

الإجابة على السؤال المذكور، تقتضي التحرّي عن الآلية التي تسير بها شؤون الاستيراد والشحن والدخول والخروج من مرفأ بيروت. يكفي لزائر مدني أن يتوجّه الى المرفأ المذكور لإجراء معاملة عادية. كل ما يخطر على البال من أجهزة أمنية تكون في استقباله للتفتيش على الباب. أكثر من ذلك، إذا أحبّ أي من الموظفين مهما كانت رتبته إدخال "زوّادة" يومية الى المرفأ، فإن تلك الزوادة تخضع للتفتيش إلى حدّ تُقسم فيه التفاحة بالسكين الى قسمين للتأكد من أنها مطابقة للمواصفات. قد يُخيّل للقارئ أنّ مَثَل التُفاحة المذكور يأتي في سياق التشبيه فقط، لكنه في الحقيقة ليس كذلك، بل حادثة حصلت فعلًا من ضمن الحوادث اليومية التي يتعرّض لها الموظفون. 

وللإجابة على السؤال الأساسي: هل من إمكانية فعلًا لتهريب الأسلحة؟ تعود بنا الذاكرة الى عام 2006، إبان صدور القرار 1701، والذي يُعطي الصلاحية لقوات "اليونيفيل" في البحر، والبوارج التابعة لها بمراقبة الشاطئ من 12 ميلًا، وعليه فإنّ أي باخرة تدخل المياه الإقليمية هي تحت عناية رادارت "اليونيفل"، التي وفي حال اشتبهت بأي باخرة لها أن تخابر القوات البحرية في الجيش اللبناني التي بدورها تُرسل أشخاصًا للكشف على الباخرة. وبموجب القرار ــ الذي يعرفه جيدًا ويعرف بنوده مروجو الشائعات ــ لا تُعطى أي باخرة إذن دخول المرفأ ما لم تكن قد أخذت الـ"OK" من "اليونيفيل" والقوات البحرية في الجيش اللبناني، حيث يقول نص القرار :" يُمنع دخول أي مواد متفجرة أو أسلحة دمار شامل إلا بعد موافقة "اليونيفيل" والجيش". بعد هذه المحطة، تدخل الباخرة ويحين هنا دور رئاسة الميناء التي تُعطي رصيفًا للباخرة بعد أن تأخذ إذنًا من "اليونيفيل".

ولمن لا يعلم، ثمّة غرفة تُسمى غرفة العمليات البحرية المشتركة وتضم: الجيش الذي يترأس اللجنة، ومندوبين من: الأمن العام، الضابطة الجمركية في المرفأ، إدارة واستثمار المرفأ، مديرية النقل البري والبحري. يُقدّم الوكيل البحري لهذه الغرفة علمًا وخبرًا، قبل 48 ساعة من قدوم البضاعة الى لبنان. وقبل أن تأتي أي باخرة إلى لبنان، تحصل اللجنة على مواصفاتها لجهة ماذا تحمل بالتفصيل. وعندما تشتبه قوات "اليونيفيل" بأي باخرة يكشف عليها فريق من بحرية الجيش اللبناني، مؤلف من ضابط وعناصر، ويطّلعون على كل ما في داخلها. وإذا أرادت الباخرة أن تكمل طريقها الى الميناء في الداخل، تحصل على ورقة تفيد بأنها "نظيفة". ووفقًا للقرار 1701، تُخصّص رئاسة الميناء التابعة للمديرية العامة للنقل البري والبحري رصيفًا للباخرة، بعد أن تأخذ إذن الدخول من غرفة العمليات البحرية المشتركة و"اليونيفيل"، وعندما ترسو الباخرة في الرصيف، يكون بانتظارها، محطة جديدة للتفتيش من قبل الجمارك اللبنانية، الجيش اللبناني، والأمن العام، فيتم إعطائها إذن التفريغ، وتباشر إدارة واستثمار المرفأ عملية التفريغ بحضور مخابرات جهاز أمن المرفأ والجمارك، ضابط أمن المرفأ (وهو ضابط مدني تابع لإدارة واستثمار المرفأ بموجب مدونة أمن السفن والمرافق المينائية الدولي (ISPS))، ما يعني في المحصلة أنّ جميع من تم ذكرهم أعلاه يُشرفون على عملية التفريغ، لتصبح عملية تهريب الأسلحة المزعومة من سابع المستحيلات. 

خروج البضاعة

قواعد التفتيش الصارمة لجهة إدخال أي "قشّة" إلى مرفأ بيروت، تنطبق حرفيًا على عملية خروج البضاعة. لا يُسمح بخروج أي شيء إلا بعدما تُعطي الجمارك أمرًا يفيد باستيفاء البضاعة الشروط الجمركية المطلوبة، وبالتالي جواز إخراجها. وبعد أن تخضع لعملية التفتيش اليدوي والإلكتروني، تُنقل البضاعة عبر "الشاحنات" حتى تصل إلى الباب (باب الخروج من المرفأ) الذي يوجد فيه أيضًا: جهاز أمن المرفأ، استقصاء الأمن العام، أمن الدولة، الجيش اللبناني، موظّف من إدارة استثمار المرفأ، والجمارك، لإجراء جولة جديدة من التفتيش. كل هذا بعد أن يكون قد جرى "تفلية" البضاعة من قبل الأمن والجمارك، فيتم تفتيش البضاعة من جديد. وبموجب الإجراءات الأمنية للمرفأ يتولى حرس المرفأ بإشراف ضابط الأمن تأمين البوابات والبضائع في المرفأ بالتنسيق مع ممثلي الأجهزة الأمنية في المرفأ وكل ضمن إطار اختصاصه ووفقًا للقوانين والتعليمات المرعية الإجراء. كما يتولى ضابط أمن المرفأ تنفيذ الإجراءات الأمنية بالقطاعات الداخلية بالمرفأ بالتنسيق مع ممثلي الأجهزة الأمنية الثلاثة (الجيش - أمن عام - جمارك) في المرفأ ووفقًا للخطة الأمنية المعدة والمصدق عليها تبعًا لمتطلبات المدونة الدولية لأمن السفن والمرافق المينائية (ISPS CODE)، وهي مدونة دولية تعلو على القوانين اللبنانية، ولبنان عضو موقّع عليها. كما أنّ هناك لجنة أمنية منبثقة من تلك المدونة (ISPS) ومؤلفة من مجلس الوزراء، اسمها اللجنة الأمنية للحفاظ على أمن المرفأ مؤلفة من: إدارة واستثمار المرفأ، الجيش اللبناني، الأمن العام، والجمارك، حيث تُشرف هذه اللجنة على كل التطورات ومسار البضائع. 

وعليه، بعد هذا العرض لمحطات التفتيش والجولات التي تمر بها أي بضاعة تدخل أو تخرج إلى المرفأ، لا يتكبّد القارئ أو الباحث عن الحقيقة عناء ليكتشف أن كل ما قيل ويُقال ما هو إلا مسرحية هزلية، وتلفيقات لا تمت للحقيقة بصلة، وليس لها نتيجة سوى ضرب الأمن والاستقرار لمرفأ بيروت، ما يُكبّد المرفأ خسائر مادية كبيرة، بدت جلية بالأرقام، حيث أثرت الشائعات بشكل كبير في حركة المرفأ التي تراجعت للنصف تقريبًا منذ انفجار المرفأ والحملة الشهيرة التي رافقته، والتي تتجدّد هذه الأيام، وكل ذلك صبّ في مصلحة مرافئ حيفا، قبرص وتركيا.

حزب اللهوسائل الإعلاممرفأ بيروت

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
حزب الله شيّع الشّهيد خليل قاسم في عيتا الشعب
حزب الله شيّع الشّهيد خليل قاسم في عيتا الشعب
حزب الله يعزي بوفاة البابا فرنسيس: ‏إدانته للعدوان "الإسرائيلي" تُجسّد التزامه بالقيم الإنسانية
حزب الله يعزي بوفاة البابا فرنسيس: ‏إدانته للعدوان "الإسرائيلي" تُجسّد التزامه بالقيم الإنسانية
الشيخ عبيد من الشرقية: باقون على نهج الشهداء 
الشيخ عبيد من الشرقية: باقون على نهج الشهداء 
فضل الله: الضغوط والاعتداءات ‏لن تسلب من شعبنا إرادته بالصمود والمقاومة 
فضل الله: الضغوط والاعتداءات ‏لن تسلب من شعبنا إرادته بالصمود والمقاومة 
فيديو| رغم الغارات.. جنوبيون يتابعون حياتهم: لن نُرهب
فيديو| رغم الغارات.. جنوبيون يتابعون حياتهم: لن نُرهب
بإيعاز من ترامب.. قناة "الحرة" تستغني عن موظفيها وتتّجه نحو الإغلاق 
بإيعاز من ترامب.. قناة "الحرة" تستغني عن موظفيها وتتّجه نحو الإغلاق 
العلاقات الإعلامية في حزب الله: مواقف حزب الله تصدر حصرًا عبر البيانات الرسمية الصادرة عنه أو عبر تصريحات مسؤوليه
العلاقات الإعلامية في حزب الله: مواقف حزب الله تصدر حصرًا عبر البيانات الرسمية الصادرة عنه أو عبر تصريحات مسؤوليه
"الحدث".. أن يهين المشاهد عقله!
"الحدث".. أن يهين المشاهد عقله!
قناة الحدث.. التضليل العدواني في خبرين
قناة الحدث.. التضليل العدواني في خبرين
إشكالية المصطلح في حرب الدعاية على المقاومة
إشكالية المصطلح في حرب الدعاية على المقاومة
الشيخ قبلان للقاضي البيطار: لا شيء أخطر على القانون من تسييس العدالة والتوظيف السياسي
الشيخ قبلان للقاضي البيطار: لا شيء أخطر على القانون من تسييس العدالة والتوظيف السياسي
وزير النقل والأشغال يدحض فبركات قناة الحدث حول مرفأ بيروت
وزير النقل والأشغال يدحض فبركات قناة الحدث حول مرفأ بيروت
الوزير حمية: نعمل لإعادة المرفأ مرفقًا نابضًا بالحياة ومبعثًا للأمل والثقة
الوزير حمية: نعمل لإعادة المرفأ مرفقًا نابضًا بالحياة ومبعثًا للأمل والثقة
حمية يوعز بإعداد دفاتر الشروط لاستكمال مسار إعادة إعمار مرفأ بيروت
حمية يوعز بإعداد دفاتر الشروط لاستكمال مسار إعادة إعمار مرفأ بيروت