الكيان في حالة مفاجأة مستمرة مع أميركا بشأن المفاوضات مع إيران

بدأت كل من الولايات المتحدة وإيران مفاوضات (غير مباشرة) حول البرنامج النووي الإيراني، يوم السبت الماضي، وفرضت إيران نفسها على طاولة المفاوضات في عمان، وفقًا لعاموس يدلن، اللواء (احتياط)، ورئيس شعبة الاستخبارات سابقًا، ورئيس ومؤسس "Mind Israel"، في وقت "بلغت فيه قدراتها النووية نقطة أكثر تقدمًا في تاريخها".

وكتب على موقع "القناة 12 الإسرائيلية" أنّه "في ظل تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب باللجوء إلى الخيار العسكري إذا فشلت المفاوضات، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان من الممكن سدّ الفجوات بينهما، ويبدو أنّ الجانب الإيراني على دراية أكبر بتفاصيل هذه المفاوضات، إذ إن المفاوضات ليست متكافئة"، وفق تعبيره.

بحسب يدلن، يتمتع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي بخبرة طويلة في جولات مفاوضات سابقة، ويتقن تفاصيل الموضوع النووي، في حين أنّ المفاوض الأميركي ومبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، لا يزال في بداية مسيرته في "المجال النووي" الذي يتطلب مستوى عالٍ من المهنية. علاوة على ذلك، فإن ويتكوف منشغل بمفاوضات في جبهات أخرى، مثل أوكرانيا والسعودية وغزة.

واعتبر يدلن أنّ "إصرار ترامب العلني على ضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا، يُشكّل هدفًا عامًا قد يتقاطع بسهولة مع الموقف الإيراني الذي يوضح أنّ برنامجه النووي مخصص لأغراض سلمية فقط، وأنّ إيران غير مستعدة للتخلي عن حقّها في تخصيب اليورانيوم". في هذه الظروف، قد يتوصل الطرفان إلى اتفاق "مشكوك فيه" من منظور "إسرائيل"، وهو "اتفاق قد لا يُلبّي مطالبها بتفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني وإبعادها بشكل دائم عن العتبة النووية"، على حد قوله.

واستَشهد يدلن بالتقرير الأخير في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الذي كشف عن التوترات بين "إسرائيل" والولايات المتحدة بشأن القضية الإيرانية، إذ إنّ "إسرائيل" "تشككك" بشأن فرص فرض اتفاق مرضٍ لإيران من دون الهجوم على منشآتها النووية، وهو الهجوم الذي كان مخططًا له وفقًا للتقرير في أيار/مايو، بحسب الصحيفة الأميركية. 

من ناحية أخرى، قررت إدارة ترامب، رغم الخلافات الداخلية، دعم الجهد الدبلوماسي للتوصل إلى اتفاق مع طهران، وهو ما أعلنه ترامب لنتنياهو في البيت الأبيض.

وأشار يدلن إلى أنّ إطار الاتفاقيات حول هذه المعايير يمكن أن يتجسّد في 5 نماذج محتملة للاتفاق:

- النموذج الليبي: الذي يتحدث عنه نتنياهو، وهو يتضمن تفكيكًا كاملًا للبنية التحتية النووية الإيرانية من قبل الولايات المتحدة، حيث ترفض إيران هذا النموذج بشكلٍ قاطع، ويبدو أنّه غير واقعي في الإطار الزمني الذي يسعى إليه ترامب.

- معيار الذهب: وفقًا للبند 123 في قانون الطاقة الذرية الأميركي، الذي يشترط بيع مفاعل الطاقة النووية بشرط عدم قيام الدولة التي يتم فيها بناء المفاعل بتخصيب اليورانيوم على أراضيها. وذكر يدلن أنّ هذا هو نموذج البرنامج النووي المدني الذي يتم تنفيذه في الإمارات.

- حظر الطريق إلى الأسلحة النووية: يشمل تقليص أو إخراج مخزونات اليورانيوم المخصب بنسبة 20% و60% من إيران، وتقييد قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بشكل دائم إلى مستوى منخفض فقط (3.67%) دون إذن بتخزين اليورانيوم بكميات كبيرة، بالإضافة إلى حظر كامل لأي نشاط يمكن أن يُستخدم لإنتاج أسلحة نووية، مع مراقبة شديدة في أي وقت، وفي أي مكان، وتقييد بناء منشآت جديدة وتطوير أنظمة صواريخ باليستية.

- الاتفاق النووي المشترك (JCPOA): العودة إلى اتفاق 2015 الذي ركّز على تقييد قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم، ولكن لفترة محدودة فقط، مع تعديله ليواكب الوضع الحالي للبرنامج النووي الإيراني الذي أصبح أكثر توسعًا من الماضي. وزعم يدلن إنّ "إيران تسعى لهذا النوع من الاتفاق رغم وضوح أنّ هذا الاتفاق لم يعد ذا فائدة نظرًا لتقدم إيران التكنولوجي في مجال النووي وكمية المواد المخصبة التي جمعوها (بنسب 20% و60%)".

- اتفاق مؤقت على غرار اتفاق 2013 - (JPOA)، الذي يوقف البرنامج النووي الإيراني مقابل بعض التخفيف في العقوبات ورفع التهديد العسكري. ورأى يدلن أنّه في ضوء تقدم البرنامج النووي الإيراني، يعتبر هذا الاتفاق خيارًا خطرًا جدًا بالنسبة لـ"إسرائيل"، إذ سيُبقي إيران عند عتبة القدرة على إنتاج سلاح نووي.

ولفت يدلن إلى أنّ على "إسرائيل" التوصل إلى تفاهمات مسبقة مع الإدارة الأميركية بشأن معايير "الاتفاق المقبول" الذي يمنع إيران من تحويل برنامجها النووي المدني إلى برنامج عسكري. والمبادئ الأساسية لهذا الاتفاق تشمل:

- معيار الذهب دون تخصيب اليورانيوم، وشرح يدلن أنّ الحفاظ على هذا المعيار مهم في مواجهة مطالب السعودية للحصول على برنامج نووي، وتفادي مطالب الإمارات بتعديل اتفاقاتها مع الولايات المتحدة لتخصيب اليورانيوم على أراضيها، وكذلك المطالب من تركيا ومصر.

- دون بنود انقضاء (sunset) على القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، وأوضح يدلن أنّ هذا يُعتبر أحد العيوب الرئيسية في اتفاق 2015 الذي سمح بتطوير البرنامج النووي الإيراني تدريجيًّا، مما ترك الغرب بلا أدوات للتفاوض بشأن تمديد القيود بعد انتهاء الاتفاق.

- خطوة عسكرية في حال فشل المفاوضات للتوصل إلى اتفاق مقبول.

في المحصلة، رجّح يدلن أنّ هدف المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران قد يكون لتوفير مبرر للتحرك العسكري، ولكن في هذه المرحلة، هناك قلق من أن ترامب قد يكون متسرعًا للوصول إلى اتفاق بأي ثمن كبديل أفضل عن الهجوم، ويقدمه على أنّه "صفقة القرن"، ويبدو أنّ "إسرائيل" لم تتمكن من الوصول إلى تفاهمات استراتيجية مع إدارة ترامب، بما في ذلك الجوانب التقنية والعملياتية، بشأن النموذج المطلوب للاتفاق مع إيران و"الخطة B" المشتركة في حال فشل المفاوضات، مشيرًا إلى أنّ "إسرائيل" قد تجد نفسها في هذه الظروف في حالة مفاجأة مستمرة من الخطوات الأميركية، وتراقب المفاوضات بين واشنطن وطهران دون القدرة على التأثير عليها.

الولايات المتحدة الأميركيةالجمهورية الاسلامية في إيرانالكيان الصهيونيبنيامين نتنياهودونالد ترامبالاتفاق النووي الايرانيعباس عراقتشي

إقرأ المزيد في: عين على العدو